صناعة السيوف
يعتبر السيف من أقدم الأدوات التي استخدمها الإنسان، فهو كان موجوداً في العصر البرونزي، ويعتبر من أكثر الأدوات المطورة التي استمر وجودها حتى عصور حديثة. وانتقل من عصر لعصر لأنه اعتبر الأداة الأهم في الحروب عند كل الحضارات القديمة واستمر منها إلى عصر الجاهلية وحافظ على وجوده في صدر الإسلام حتى الحكم العثماني.
ابتدأت صناعة السيوف من معدن البرونز، ثم أصبحت تستعمل الحديد والفولاذ، ولكن الأشهر هو الحديد واشتهرت بلاد عديدة في صناعة السيوف كان أهمها الهند وبلاد الشام خاصة دمشق، حتى أصبح السيف يكنى تيمناً بها كأن يقال للسيف المهند ويعتبر هذا من أسمائه. وبالأساس يقال لقوام السيف النصل أما حده فيدعى ظبه، اشتهرت السيوف على مر الزمان بأسمائها إما لجودة صنعتها كالسيف الهندي والسيف اليماني والسيف الدمشقي، أو تبعاً لأصحابها، المقاتلين الذين حمولها وخاضوا بها المعارك، فالمحارب كان يعتبر سيفه وحصانه أصحابه، والبعض من الفرسان كان يذكرون سيوفهم بأسمهائها في شعرهم، فيخلدوا ذكرها معهم، والبعض كان يحمل سيفاً مميزاً كسيف الإمام علي بن أبي طالب كرم الله وجهه، وسيفه ذو الفقار الذي أهداه إياه النبي محمد صلى الله عليه وسلم، وسمي ذو الفقار لأن نهاية السيف تنفسم إلى قسمين. وقد نال هذا السيف شهرة واسعة لأن الصحابي الجليل الإمام علي وهو من آل بيت رسول الله قد حمله وحارب به، وقال به شاعر الرسول صلّى الله عليه وسلّم حسان بن ثابت شعراً نصه: ” لا سيف إلّا ذو الفقار ولا فتى إلاّ عليّ “.
يذكر من أسماء السيف أيضاً الصوام حيث ذكرت هند بنت نعمان ابن المنذر هذا الإسم في أبيات شعرية تلتها عقب فرارها واستجارتها بقبائل العرب من بطش كسرى الذي طلبها من أبيها عروساً له فلما رفض ذلك شنّ حرباً عليه وبطش به، وبعد استجارتها بالقبائل العربية، جمع كسرى جنده وشنّ حرباً عليهم كانت واقعة من أيام العرب المجيدة، حيث هزموه ودحروه مولياً، وحينها قالت هند :” وصوام هندية مصقولة… بسواعد موصولة لم تمنع “.
في الزمن الحديث فقد السيف مكانته الحربية فتحول أداة للزينة إلّا في بعض القبائل القليلة جداً من قارة أفريقيا، وأصبح مجرد أداة زينة، وارتفع ثمنه، ويتم تعليقه في المجالس، أو اقتنائه لقيمته الجمالية. وذلك ببساطة بسبب انتشار الآلة الحديثة التي أثبتت جدارتها وتطوّرها بمراحل عن الأدوات الحربية الكلاسيكية، وهو الآن بالنسبة للعرب قيمة رمزية تاريخية يعتزون به.