دعاء تيسير الولادة
محتويات المقال
يمكن للمرأة أن تدعو قبل ولادتها، أو أثنائها، أو بعدها بما أحبّت، أو ما يناسب حالها، ولا يوجد دعاء مخصوص لهذه الحالة، كما أنّه ليس هناك دليل يثبت أنّ ساعة الولادة هي ساعة إجابة، إلا في تعسّرت الولادة فهي تكون بذلك مضطرةً، ودعوة المضطرّ مستجابة، كما قال تعالى:” أَمَّنْ يُجِيبُ الْمُضْطَرَّ إِذَا دَعَاهُ وَيَكْشِفُ السُّوءَ “، النّمل/62.
وممّا ورد عن السّلف مما ييسّر أمر الولادة ما قاله ابن القيّم في كتاب الطبّ، ونصّه:” قال الخلال، حدّثني عبد الله بن أحمد قال: رأيت أبي – أحمد بن حنبل – يكتب للمرأة إذا عسر عليها ولادتها في جام أبيض أو شيء نظيف، يكتب حديث ابن عباس رضي الله عنهما:” لا إله إلا الله الحليم الكريم، سبحان الله ربّ العرش العظيم، الحمد لله ربّ العالمين، كأنّهم يوم يرونها لم يلبثوا إلا عشيةً أو ضحاها، كأنّهم يوم يرون ما يوعدون لم يلبثوا إلا ساعةً من نهار بلاغ، فهل يهلك إلا القوم الفاسقون “، قال الخلال: أنبأنا أبو بكر المروزي، أنّ أبا عبد الله جاءه رجل، فقال:” يا أبا عبد الله، تكتب لامرأة قد عسر عليها ولدها منذ يومين؟ فقال له: يجيء بجام واسع وزعفران، ورأيته يكتب لغير واحد “، ويذكر عن عكرمة عن ابن عباس قال:” مرّ عيسى عليه السّلام على بقرة، وقد اعترض ولدها في بطنها، فقالت: يا كلمة الله، ادع الله أن يخلصني مما أنا فيه، فقال: يا خلاق النّفس من النفس، ويا مخلص النّفس من النّفس، ويا مخرج النّفس من النّفس، خلصها. قال: فرمت بولدها، فإذا هي قائمة تشمه، قال: فإذا عسر على المرأة ولدها، فاكتبه“.
وقد رخّص جماعة من السّلف في كتابة بعض القرآن وشربه، وجعل ذلك في الشّفاء الذي جعل الله فيه، وقال ابن القيم:” كتاب آخر لذلك، يكتب في إناء نظيف:” إِذَا السَّمَاءُ انْشَقَّتْ * وَأَذِنَتْ لِرَبِّهَا وَحُقَّتْ * وَإِذَا الْأَرْضُ مُدَّتْ * وَأَلْقَتْ مَا فِيهَا وَتَخَلَّتْ “، وتشرب منه الحامل، ويرشّ على بطنها “.
وليس هناك آية، أو حديث، أو دعاء معيّن ييسّر عملية الولادة، وإنّما ييسّر ذلك عامّة الدّعاء، كما فعل سيّدنا زكريا فاستجاب الله له دعاءه، ووهب له يحيى على كبر، قال الله تعالى:” وَزَكَرِيَّا إِذْ نَادَى رَبَّهُ رَبِّ لا تَذَرْنِي فَرْداً وَأَنْتَ خَيْرُ الْوَارِثِينَ فَاسْتَجَبْنَا لَهُ وَوَهَبْنَا لَهُ يَحْيَى وَأَصْلَحْنَا لَهُ زَوْجَهُ إِنَّهُمْ كَانُوا يُسَارِعُونَ فِي الْخَيْرَاتِ وَيَدْعُونَنَا رَغَباً وَرَهَباً وَكَانُوا لَنَا خَاشِعِينَ “، الأنبياء/89-90.
ومن الأدعية النّافعة في كلّ شيء:” لا إله إلا أنت سبحانك إنّي كنت من الظالمين “، فقد روى الإمام أحمد والترمذي وغيرهما، أنّ النّبي – صلّى الله عليه وسلّم – قال:” دعوةُ ذي النُّونِ إذ دعا وهو في بطنِ الحوتِ: لا إلهَ إلَّا أنتَ، سبحانَك إنِّي كنتُ من الظالمينَ، فإنَّه لم يدعُ بها رجلٌ مسلمٌ في شيءٍ قطُّ إلَّا استجاب اللهُ له “.
ومنها أيضاً قوله صلّى الله عليه وسلّم:” يا حيُّ يا قيُّومُ برحمتِك أستغيثُ، أَصلِحْ لي شأني كلَّه، ولا تَكِلْني إلى نفسي طرفةَ عَيْنٍ “،رواه الألباني.
أحكام المولود
يُستحب أن يبشّر من جاءه مولود جديد، وتهنئته بذلك، والدّعاء للمولود بالبركة، فقد بشّرت الملائكة إبراهيم وزوجه بغلام عليم، كما بشّرت زكريا بيحيى عليهما السّلام. ومن الخطأ أن يُهنّئ الرّجل بالابن الذّكر ولا يُهنّئ بالأنثى، لأنّ ذلك من عادات الجاهليّة.
ومن أهم الأحكام المتعلقة بالمولود الجديد:
- الأذان في أذن المولود اليمنى، والإقامة في أذنه اليسرى.
- حلق رأسه، والتّصدق بوزن شعره من الفضّة.
- العقيقة للمولود، وهي ذبح شاتين عن الذّكر، وشاة عن الأنثى.
- تسميته بالاسم الحسن.
- ختان المولود الذّكر.
- الاهتمام بتربيته، وتعليمه، وتأديبه، لينشأ على الخير والصّلاح.
دعاء التهنئة بالمولود
جاء في كتاب الأذكار للإمام النّووي رحمه الله: قال:” يُستحب تهنئة المولود له، قال أصحابنا: ويستحبّ أن يهنّأ بما جاء عن الحسن البصري رحمه الله، أنّه علم إنساناً التّهنئة، فقال: قل: بارك الله لك في الموهوب لك، وشكرت الواهب، وبلغ أشدّه، ورزقت برّه. ويستحبّ أن يردّ على المهنّئ فيقول: بارك الله لك، وبارك عليك، أو جزاك الله خيراً ورزقك مثله، أو أجزل ثوابك، ونحو هذا “.
حكم العقيقة للمولود
العقيقة سنّة مؤكدة عن المولود، وذلك لقوله صلّى الله عليه وسلّم:” الغلامُ مرتهنٌ بعقيقِته يُذبح عنه يومَ السّابعِ، ويسمَّى، ويحلقُ رأسه “، رواه الترمذي، وقال: حسن صحيح. والسّنة في ذبحها أن تذبح يوم السّابع من ولادته، فإن لم يكن ففي اليوم الرّابع عشر، فإن لم يكن ففي الحادي والعشرين، فإن لم يكن ففي الثّامن والعشرين، وإلا فلا تشترط الأيام، وإن ذبحها قبل السّابع أو بعده فيصحّ، وذلك لأنّ التّأقيت سنّة.
شروط استجابة الدّعاء
هناك عدّة شروط يجب أن تتوافر في الدّاعي كي يُستجاب دعاؤه، منها:
- صلاح الإنسان، وابتعاده عن الشّرور.
- المحافظة على الصّلاة، وعدم تركها.
- الابتعاد عن المعصية، لأنّ الله تعالى لا يستجيب لدعوة العاصي.
- الإكثار من التّسبيح والتّهليل.
- الإكثار من الاستغفار، كي تُستجاب الدّعوة بسرعة.
فضل الدّعاء
إنّ الله جلّ وعلا يحبّ من يدعوه ويسأله، ويبغض من يُعرض عن دعائه وسؤاله. قال الله جلّ وعلا: ” وَقَالَ رَبُّكُمُ ادْعُونِي أَسْتَجِبْ لَكُمْ ۚ إِنَّ الَّذِينَ يَسْتَكْبِرُونَ عَنْ عِبَادَتِي سَيَدْخُلُونَ جَهَنَّمَ دَاخِرِينَ “،غافر/60. وقال سبحانه وتعالى: ” وَإِذَا سَأَلَكَ عِبَادِي عَنِّي فَإِنِّي قَرِيبٌ ۖ أُجِيبُ دَعْوَةَ الدَّاعِ إِذَا دَعَانِ ۖ فَلْيَسْتَجِيبُوا لِي وَلْيُؤْمِنُوا بِي لَعَلَّهُمْ يَرْشُدُونَ “، البقرة/186