حديث شريف عن قيام الليل , حديث عن الوتر , احاديث عن قيام الليل والوتر
عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (أفضل الصيام، بعد رمضان، شهر الله المحرم، وأفضل الصلاة، بعد الفريضة، صلاة الليل) [12] . قال النووي: “فيه دليل لما اتفق العلماء عليه أن تطوع الليل أفضل من تطوع النهار”[13] .
وعن ابن عمر رضي الله عنهما أنه قال: كان الرجل في حياة النبي صلى الله عليه وسلم إذا رأى رؤيا قصها على رسول الله صلى الله عليه وسلم، فتمنَّيت أن أرى رؤيا فأقصها على رسول الله صلى الله عليه وسلم، وكنت غلاماً شاباً، وكنت أنامُ في المسجد على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم، فرأيت في النوم كأن ملكين أخذاني، فذهبا بي إلى النار، فإذا هي مطوية كطي البئر، وإذا لها قرنان، وإذا فيها أُناسٌ قد عرفتهم، فجعلت أقول: أعوذ بالله من النار، قال: فلقينا ملك آخر فقال لي: لم تُرَع. فقصصتها على حفصة، فقصتها حفصة على رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال: (نِعْم الرجل عبد الله لو كان يُصلي من الليل، فكان بعدُ لا ينام من الليل إلا قليل) [14] .
قال ابن حجر: “شاهد الترجمة قوله: (نِعْم الرجل عبد الله لو كان يصلي من الليل) فمقتضاه أن من كان يصلي من الليل يوصف بكونه نعم الرجل”[15] . وقال أيضاً: وفي الحديث تنبيه على أن قيام الليل مما يُتقى به النار”[16] .
وعن أبي هريرة رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: (يعقد الشيطان على قافية رأس أحدكم إذا هو نام ثلاث عُقدٍ، يضرب على مكان كل عقدة: عليك ليلٌ طويل فارقد، فإن استيقظ فذكر الله انحلت عقدةٌ، فإن توضأ انحلت عقدة، فإن صلى انحلت عقدةٌ، فأصبح نشيطاً طيب النفس، وإلا أصبح خبيث النفس كسلان)[17] .
قال ابن حجر: “والذي يظهر أن في صلاة الليل سراً في طيب النفس وإن لم يستحضر المصلى شيئاً مما ذكر، وكذا عكسه، وإلى ذلك الإشارة بقوله تعالى: ﴿إِنَّ نَاشِئَةَ ٱلَّيْلِ هِىَ أَشَدُّ وَطْأً وَأَقْوَمُ قِيل﴾ [المزمل:6] . وقد استنبط بعضهم منه أن من فعل ذلك مرةً ثم عاد إلى النوم لا يعود إليه الشيطان بالعقد المذكور ثاني[18] .
وعن جابر بن عبد الله رضي الله عنه قال: سمعت النبي صلى الله عليه وسلم يقول: (إن في الليل لساعةً لا يوافقها رجلٌ مسلم يسأل الله خيراً من أمر الدنيا والآخرة، إلا أعطاه إياه، وذلك كل ليلةٍ) [19] .
قال النووي: “فيه إثبات ساعة الإجابة في كل ليلة ويتضمن الحث على الدعاء في جميع ساعات الليل رجاء مصادفتها”[20] .
وعن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (رحم الله رجلاً قام من الليل فصلى، وأيقظ امرأته فصلَّت، فإن أبت نضح في وجهها من الماء، ورحم الله امرأة قامت من الليل فصلَّت، وأيقضت زوجها فإن أبى نضحت في وجهه الماء)[21] .
قال الطيبي: “وفيه أن من أصاب خيراً ينبغي له أن يتحرى إصابته الغير، وأن يحب له ما يحب لنفسه، فيأخذ بالأقرب فالأقرب. فقوله صلى الله عليه وسلم: (رحم الله رجلاً فعل كذ) تنبيه للأمة بمنزلة رش الماء على الوجه لاستيقاظ النائم، وذلك أنه صلى الله عليه وسلم لما نال ما نال بالتهجد من الكرامة والمقام المحمود، أراد أن يحصل لأمته نصيب وافر من ذلك، فحثهم عليه على سبيل التلطف، حيث عدل من صيغة الأمر إلى صيغة الدعاء لهم”[22] .
وعن أبي سعيد وأبي هريرة قالا: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (من استيقظ من الليل وأيقظ امرأته فصليا ركعتين جميعاً، كتبا من الذاكرين الله كثيراً والذاكرات)[23] .
قال أبو الطيب شمس الحق العظيم آبادي: “وفي الحديث إشارة إلى تفسير الآية الكريمة: ﴿وَٱلذٰكِـرِينَ ٱللَّهَ كَثِيراً وَٱلذٰكِرٰتِ أَعَدَّ ٱللَّهُ لَهُم مَّغْفِرَةً وَأَجْراً عَظِيم﴾ [الأحزاب:35] [24] .
قال ابن عمر رضي الله عنهما حين حضرته الوفاة: (ما آسى على شيء من الدنيا إلا على ظمأ الهواجر ومكابدة الليل)[25] . وقال ابن عباس رضي الله عنهما: (شرف الرجل قيامه بالليل وغناه استغناؤه عما في أيدي الناس)[26] . وقال عبد الله بن مسعود رضي الله عنه: (فضل صلاة الليل على صلاة النهار كفضل صدقة السر على صدقة العلانية)[27] .
وقال عمرو بن العاص رضي الله عنه: (ركعة بالليل أفضل من عشر بالنهار)[28] .
وقيل للحسن:ما بال المتهجدين من أحسن الناس وجوهاً؟ قال: “لأنهم خلوا بالرحمن فألبسهم من نوره نوراً”[29] .
وقال أيضاً: “ما نعلم عملاً أشد من مكابدة هذا الليل، ونفقة هذا المال”[30 ] وعن الأوزاعي: “بلغني أنه من أطال قيام الليل خفف الله عنه يوم القيامة”[31] . وقال يزيد الرقاشي: “بطول التهجد تقر عيون العابدين وبطول الظمأ تفرح قلوبهم”[32] . وقال أيضاً: “قيام الليل نور للمؤمن يوم القيامة، يسعى من بين يديه ومن خلفه، وصيام العبد يُبعده من حرِّ السعير”[33] . وقال شريك: “من كثرت صلاته بالليل حسن وجهه بالنهار”[34] .