المراهقة ومهنة المستقبل… لمن يعود القرار؟ 2019
المراهقة ومهنة المستقبل… يعود القرار؟ 3dlat.net_01_17_4472
من المعروف أن المراهقة تشهد سلسلة من التغيرات الفيزيولوجية السريعة. وهي الفترة الأكثر صعوبة بالنسبة إلى المراهق، لأن عليه خلالها التركيز على قدراته الفكرية، ما ينشئ تناقضًا بين التغيرات الجذرية في جسده وعلاقاته مع الآخرين وبحثه عن هويته المقبلة، وبين ضرورة بذل جهد كبير للحفاظ على مستوى معين من العلم كي يتمكن في ما بعد من التوجّه إلى المهنة التي يريدها في المستقبل. والسؤال الذي يطرحه الأهل هو: ماذا يجب عليهم القيام ليساعدوا ابنهم المراهق الذي من حيث المبدأ لا يعرف ماذا يريد والذي يُخيّل له أن لديه قدرات مهمة جدًا، وأنها هي التي تحدّد مصير مستقبله. ولكنه بعد فترة يغيّر رأيه.
المراهقة ومهنة المستقبل… يعود القرار؟ 3dlat.net_01_17_80d5
التوجيه المهني يبدأ من المدرسة يرى اختصاصيو علم نفس المراهق والتربويون أنه لا يجدر بالأهل أن يقلقوا حيال الارتباك والتشويش اللذين يمر بهما المراهق.
فمن خصائص المراهقة ومميزاتها عدم الوضوح، ومن الطبيعي جدًا أن نلاحظ هذه التقلبات في مزاج المراهق واختلاف رغباته وميوله.
فتوجيه المراهق نحو مهنة المستقبل لا يمكن أن يتم بمعزل عن المدرسة، خصوصًا أن التلميذ يمضي معظم وقته فيها. فمع التطور الحاصل في علم النفس تُجري المدرسة اختبارات علمية وُضعت خصيصًا لقياس القدرات والميول المهنية عند التلامذة. ودور المدرسة إقناع الأهل بالقدرات التي يمكن ابنهم بلورتها وفقًا للاختبارات التي أجرتها.
أما دور الأهل فمعنوي، فهم الذين يعطون المراهق العطف والمحبة، لكنهم غير مهيئين علميًا ونفسيًا لتحديد الخيار أو المهنة التي تناسبه.
صحيح أن بعض الأهل يحلمون بأن يكون ابنهم طبيبًا أو مهندسًا أو أن يمارس مهنة في رأيهم تؤمن له مستقبلاً باهرًا، ولكن إذا بيّنت الاختبارات أن ليس لديه القدرات ولا التوجهات ولا الميول اللازمة، وأصر الأهل على موقفهم فإنهم سوف يسببون لابنهم عذابًا نفسيًا يؤدي إلى تراجع أدائه المدرسي.
وقد يحدث أحيانًا رغم رفض المراهق الانصياع لرغبة أهله أنه يعود ويعمل على تحقيقها. في هذه الحالة قد تكون قدرات المراهق وميوله قابلة لأن تحقق رغبة الأهل. وحالة الرفض عنده في البداية يكون سببها رفضه الأمور التي فرضها أهله.
وهذا طبيعي في هذه المرحلة لأن المراهق يبحث عن هويته الخاصة، ويريد أن يحقق استقلاليته في الرأي فيكون رفضه محاولة منه لبلورة شخصيته وإثبات أنه سيد نفسه وأنه قادر على اتخاذ القرار المتعلق بمستقبله المهني دون تدخل الآخرين.
وهذا الرفض لن يشّكل أي خطر على مستقبله المهني. ولكن عندما يطلب الأهل من المراهق ما يفوق قدراته ويختلف كليًا عن ميوله، فإن ذلك سوف يؤثر سلبًا على أدائه المدرسي وبالتالي على توجّهه المهني.
أما المراهق الذي لا يعرف ماذا يريد رغم تفوقه فهو في حاجة إلى توجيه. وفي كل الأحوال لا بد للمدرسة من التدخل والعمل على توجيه المراهقين إلى مهنة المستقبل.
وإذا حصل تناقض بين ميول التلميذ وقدراته ورغبات الأهل، على المدرسة وعبر الاختصاصيين العمل على توضيح الصورة للأهل، وتُبيّن لهم أنهم إذا تشبثوا برأيهم فسوف يكونون المسؤولين عن أي فشل قد يتعرض له ابنهم.