الكذب ، علاج الكذب عند الاطفال

الكذب هو عكس الصّدق، فهو وصف شيء أو موقف معين بشكل مخالف لما يحدث في الواقع؛ إما بشكل جزئي أو كلي، فهوه تشويه الحقائق لتحقيق هدف مادي أو اجتماعي أو نفسي، أمّا الكذب عند الأطفال فهو سلوك مُكتسَب من البيئة المحيطة كالأسرة؛ فقد يكذب الطفل بالنّمذجة (عبر ملاحظته لكذب أو مبالغة أحد ولديه في رواية واقعةٍ ما) فيظنّ بأنه سلوك عادي، أو مبالغة الوالدين في حثّ أبنائهم على الصّدق ومراقبة جميع تصرّفاتهم ومحاسبتهم الشديدة لهم على كلّ صغيرةِ وكبيرة بأسلوب صارم؛ ممّا يعكس ذلك على نفسيّة الطفل، فينتُج عنه أحياناً ردّة فعل معاكسة، وهنالك أيضاً أسباب نفسية عارضة كإثبات الذات أو لفت الإنتباه، وهذه سريعاً ما تزول بتتابع مراحل النمو ومدى اكتمال النُّضج العقلي، بالإضافة إلى دور الأصدقاء والمدرسة إما بترسيخ وتهوين الكذب ومضاره، أو إنكاره والتّنفير منه.[١]

ما هي أنواع الكذب

تختلف أنواع استعمال الطفل للكذب باختلاف المواقف والمسببات التي يتعرّض لها، وبالتالي تنقسم أنواعه إلى ما يلي:[٢]

الكذب الخيالي: يظهر هذا النوع من الكذب عند الأطفال الذين يتمتعون بالخيال الخصب، وطلاقة اللسان، وسرعة في نموّ القدرات اللغوية، وبالتالي القدرة على التعبير واختراق القصص والأحداث الخيالية غير الممكنة وغير الواقعية، ويعكس ذلك ارتفاع في مستوى الذكاء، وقدرة الطفل على خلق عالمه الخيالي المتفرّد من صُنع أفكاره الخاصة.

الكذب الالتباسي: يحدث عند الطفل بعض الالتباس بين الحقيقة والخيال؛ أي من الممكن أن يسمع الطفل قصة خرافيّة ويقوم بتصديقها، أو قصة واقعية أعجبته؛ فتملكته تفاصيلها ويقوم بمعايشتها بخياله، ويُعيد سردها مع تغيير الشخصيات وبعض الأحداث، أو أنه يرى أحلامه ويُصدّق بأنّها واقع؛ فيرويها لمن حوله، إذن فهذا النوع من الكذب مرتبط بالقدرات العقليّة للطفل، وعادة يزول بتقدّم الطفل في مراحله العمرية، وتطوُّر النُّضج العقلي.

الكذب الادّعائي: قد يكون سبب استعمال الطفل لهذا الكذب لغَرَض لفت الانتباه، وتدنّي المفهوم الذّاتي، وتدنيّ الثقة الطفل بنفسه، والشّعور بالنّقص أو التّنشئة الأُسريّة غير السليمة، وسوء الأوضاع المعيشية، والشعور بالنقص أو الحرمان؛ مما يؤدي بالطفل إلى ادّعاءه بأنه يمتلك ألعاب كثيرة في غرفته، أو ذهابه في رحلات مختلفة؛ ليَظهر أمام أصدقائه بأنه الأفضل، ويمتلك الكثير من الأشياء.

الكذب الغرضي: يلجأ الطفل إلى الكذب لتحقيق ما يريد في حين معارضة السلطة لذلك، فيقوم بالكذب والاحتيال للحصول على غرضه؛ فقد يطلب مالاً لشراء ما يلزمه للمدرسة (في حين أنه يذهب لشراء الحلوى)، أو أنّه يذهب للمذاكرة مع أحد اصدقائه (وهو في الواقع يذهب لممارسة لعبة أو فعالية ما)، ويظهر هذا عند تشدُّد الأهل، وكثرة عقابهم لأبنائهم، وعدم تلبية حاجاتهم التي يرغبون بها.

الكذب الانتقامي: يظهر غالباً بسبب الغيرة والإحساس بالظلم، وينشأ كردَّة فعل انعكاسيّة لملاحظة الطفل للتمييز الواقع من أحد الوالدين أو أحد أفراد الأسرة بين الأبناء بشكل عام، أو بتمييز المعلمين الأطفال عن بعضهم في البيئة المدرسية؛ فيكون الكذب الانتقامي ملاذاً في مثل هذه الحالات؛ للإضرار بالمُميَّز من الأشقاء أو الأقران؛ حيثُ يُعتبر كنوعٍ من استرداد الحقّ، أو تحقيقاً للعدالةِ كما يراها الطفل، أو انتقاماً لعدم تكافؤ الفرص.

الكذب الوقائي: يلجأ الطفل إلى الكذب في حال خوفه من العقاب أو التوبيخ؛ خصوصاً إذا كانت شدة العقاب لا تتناسب مع ما يتطلبه الموقف، فيكذب الطفل للدفاع عن نفسه وحمايتها، ويظهر بشكل واضح عندما تكون السلطة قاسية، وتُوقِع العقاب دون تفهّم ظروفه ومسبّباته.

كذب التقليد: يدرك الطفل مشروعية الكذب بتقليده لِمَن حوله من الكبار؛ حيثُ يظهر هذا النوع عند استخدام الأهل أساليب الكذب، فيقوم الطفل بتقليد تصرُّفات والديه، سواء أكانت جيّدة أم سيّئة، فمثلاً عندما يأتي أحدُهم لزيارة الأب، يطلب الأب من الأمّ إخبار الزائر بعدم وجود الأب في المنزل، فالطفل يشاهد ويراقب ويُدرك ما يحدث دون قصد الأهل إكسابه هذا السلوك، وبالتالي يكون الكذب هو أسلوب للتّخلُّص من المشكلات.

الكذب المرضي: يحدث عندما يكون الكذب عادة مزمنة عند الطفل؛ فيُصبح من سماته الشخصية، وهو نتاج للتّقصير في علاج الكذب كظاهرة سلوكية مؤقتة في حال حدوثها، واستخدام الأساليب التربويّة المناسبة التي تردع الطفل عنه؛ ليصبح بذلك ظاهرة مرضية تلازم صاحبها دون شعوره بذلك، وبشكل خارج عن إرادته.
طرق ووسائل علاج الكذب عند الأطفال

الكذب هو آفّة اجتماعية تسلب الحب والثقة، وتعكس الشكّ والريبة تجاه الشخص المعروف بأنه شخص كاذب؛ فالواجب على الآباء والمربّيين ضبط الكذب بالأساليب العلاجية المناسبة لطبيعة الموقف حال ملاحظته وظهوره؛ كي لا يتفشّى ويتفاقم ويُلازم الطفل في مراحل نضجه؛ فيُصبِح سمة من سماته المعروفة، وهناك الكثير من الطرق التربوية والعلاجية لتفادي مشكلة الكذب عند الأطفال، ومنها:[١][٢][٣]

يجب على الأسرة أن تكون مصدراً للتنشئة السويّة للطفل، فإحاطة الطفل ببيئة صالحة تُنشئ قدوة حسنة تُصدَّق في أقوالها ووعودها وأفعالها، بالإضافة إلى زرع الأمان النفسي والاستقرار، والابتعاد عن القلق؛ فالطفل المستقرّ نفسيّاً لا يشعر بضرورة الكذب، والطفل الخائف دائما ما يلجأ إليه.

تعليم الطفل فضيلة الصدق، وتشجيعه عليها بذكر بيت من الشعر، أو قصّة تُظهر أجر الصادق وجزاء الكاذب، بالإضافة إلى استعمال التعزيز تجاهه في حال قوله الصدق وتجنبه استعمال الكذب.

إيقاع العقاب المتَّزن في حال عدم قول الطفل للحقيقة أو نفيه لها مع شرح أسباب وقوع العقاب عليه، وبالمقابل عدم معاقبته عند قوله الحقيقة ومسامحته؛ لزرع حبّ الصدق والأمان في ذاته.

تجنُّب التمييز في المعاملة بين الأبناء، والعدل والمساواة بينهم.

تعزيز ثقة الطفل بنفسه، واستثارة اتجاهاته الإيجابية تجاه ذاته، والابتعاد عن المثيرات والانفعالات التي تثير الخوف والفزع عند الطفل

الاتزان في إيكال المهمّات ومراعاة القدرات العقلية والجسمية للطفل؛ كي لا يُضطرّ إلى طلب المساعدة من أحد وقيامه بالكذب بِنَسب الإنجاز لنفسه.

التمهُّل في اتّهام الطفل بالكذب قبل التأكُّد بشكل قاطع؛ حتى لا يستمرئ إطلاق الصفة وسماعها، بالإضافة إلى الحفاظ على مصداقيّة المُربّي.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى