التخلص من الوحدة
من أصعب الأمور على النّفس الإنسانيّة أن تبقى وحيدةً بعيدةً عن النّاس وأنسهم ، فالإنسان وحين خلقه تعالى قد ركّب في نفسه حب التّعامل مع النّاس ومخالطتهم ، فالإنسان لا يستطيع أن يعيش وحيداً لأنّ الحياة بطبيعتها تقتضي الاجتماع ، وكذلك لا تكتمل الفرحة والسّرور بدون مخالطة النّاس ، فبمخالطة النّاس تتعرّف على النّاس الذين تستطيع أن تصطفي منهم أصدقاء لك يؤنسوا وحدتك ويستمعوا إليك حين تودّ أن تفصح عن همومك ومشاكلك ، وبمخالطة النّاس يتكافل النّاس فيما بينهم ، وكذلك فإنّ العمل لا يأتي ثماره وأكله إلا بالاجتماع بعيداً عن الوحدة ، واليد الواحدة لا تصفّق ، كما أنّ العصا إذا كانت لوحدها سهل كسرها بينما إذا تجمّعت مع بعضها قويت شوكتها ، كما أنّ للوحدة آثارٌ سيّئةٌ على النّفس البشرية ، وقد تؤدّي الوحدة إلى الاكتئاب والأمراض النّفسيّة المختلفة كالوسواس وغيرها ، وبالتّالي فإنّ التّخلص من الوحدة يجب أن يكون من أولويات المرء ، ولكي يتمكّن من ذلك فإنّ عليه أن يأخذ بالنّصائح التالية
أن يخالط النّاس ويجتمع بهم ، كما أنّ عليه أن يسعى لبناء صداقاتٍ حقيقيّةٍ مع النّاس مبنيّة على أسسٍ واضحةٍ في انتقاء الأصدقاء الذين يكونون قادرين على إضافة معاني جميلة وقيمٍ تثري حياة الإنسان ، فعندما يحظى الإنسان بصديق يبهج النّفس تتغيّر حياته ونفسيّته نحو الأفضل ، ويجد لذّة الحياة .
أن يقوم الإنسان السّاعي للتّخلص من الوحدة بترتيب نظام حياته وأن يضع برنامجاً لذلك ، فيخصّص وقتاً لقراءة كتابٍ أو روايةٍ مفيدةٍ نافعة ، وكما قيل وخير جليسٍ في الزّمان كتاب ، وهذا حقيقةٌ فعلاّ ، فالكتاب يضيف على حياة الإنسان متعةً رائعةً ، ويطير به إلى عوالم مختلفةٍ يستشكشف فيها الإنسان كلّ ما هو جديد في الحياة ويتعرّف على طبائع النّاس وقصصهم وما مرّوا به ، فالكتاب وبين طيّاته يحمل الكثير من الأسرار والخبايا التي تشوّق النّفس فتبقى متلهّفةً لمعرفة الجديد ، كما أنّ على الإنسان أن يخصّص وقتاً لزيارة الأقارب والأصدقاء ، والجلوس في نوادٍ اجتماعيّةٍ نافعة حيث يجتمع النّاس ويتذاكرون أمور الدّنيا والدّين ، وقديماً قيل على لسان أحد العلماء الزاهدين أنّه لم يتمنى الحياة إلا لأمورٍ من بينها مخالطة أناس ينتقون أطايب الكلام كما ينتقى المتذوّقون أطايب الثّمر ، فالوحدة شرٌ وبيلٌ على الإنسان حسن التّدبير للتّخلص من شرها .