البطاقة التموينية، ليست الحل !!.. بقلم حسن وراق
السودان اليوم:
التاريخ يعيد نفسه فى المرة الاولى كمأساة و فى الثانية كمهزلة ! / قول مأثور .
@ على الرغم من أن التاريخ لا يعيد نفسه و لا يتكرر إلا أن القول المأثور أعلاه يعضده ما ظل يتكرر دوما و بشكل (غبى) فلا تتشابه الظواهر فى كل مرة و كما قال الشاعر الرقيق نزار قبانى (لا توجد قهوة تشبه قهوة أخرى) و لكن ما حيلتنا الآن إلا أن نستعير القول المأثور أعلاه لأننا نعيش فى عصر مهزلة الانقاذ . جاء فى الانباء أن حكومة الخرطوم تتجه نحو تطبيق نظام البطاقة التموينية للمواطنين على نطاق الولاية ، ظنا منهم انهم بذلك سوف يحدون من إرتفاع السلع الاستهلاكية و التغلب على شح الخبز كما جاء فى (الجريدة) يوم أمس حيث اوردت الاستاذة النشطة سعاد الخضر أن اعلانا لوزير الصناعة و التجارة بولاية الخرطوم الدكتور جعفر أحمد عبدالله أكد فيه انهم يدعمون الخبز يوميا بمبلغ 35 مليون جنيه و أن هذا الدعم يذهب لجهات غير المواطنين و وعد الى حين اكتمال إستخراج البطاقة التموينية ، قيامهم بإجراءات تنظيم بيع الخبز و الذى رشح بأنه ربما يطبق فيه نظام الشراء بالرقم الموطنى.
@ من واقع تجربتى الشخصية عند تنفيذ البطاقة التموينية بحكم ادارتى لتموين ولاية الخرطوم وقتها ، عاصرت كل مراحل تنفيذها منذ أن كانت فكرة حتى أصبحت حقيقة رأت النور بفضل مجهودات كوكبة من المختصين كنت بينهم ، لابد من توضيح الخطأ الكبير الذى وقع فيه سعادة الوزير الذى و من اعلانه الذى يفهم منه أنه، يريد توجيه جهوده فى توفير السلع و الخبز خاصة بمبدأ المواطنة و بالتالى اقصاء السودانيين غير مواطنى ولاية الخرطوم و كل الوجود الاجنبى لأن المواطنة لا تنطبق عليهم و بالتالى يدخل الحكومة الاتحادية فى مشكلة خرق الدستور و (فضيحة) حرمان الاجانب من لاجئين و غيرهم فى الحصول على السلع التموينية خاصة رغيف الخبز او بيعه بثمن خاص الامر الذى يحرج الحكومة امام المجتمع الدولى و منظماته .
@ الوزير الهمام لا يدرك الفرق بين الظروف التى استدعت تطبيق نظام البطاقة التموينية فى بداية عهد الانقاذ 1990 و اليوم ، وقتها نظام الانقاذ الانقلابى عطل العمل بالدستور منتهجا شرعية ثورية عادى بموجبها كل العالم المتحضر ليخول لنفسه التصرف المطلق . التعداد السكانى لولاية الخرطوم كان لا يتجاوز 3 ملايين نسمة و اليوم تجاوز 7 ملايين غير ظروف الانتقال السكانى اليومى من و الى العاصمة و بقية الظواهر الديمغرافية و التحولات الجيوسياسية و متغيرات نمط العيش وتنامى احزمة السكن الاضطرارى حول العاصمة.
@ من الناحية الفنية يتطلب استخراج البطاقة التموينية حتى تنفيذها بكل (البروفات) و معالجاتها جهدا ماديا و ذهنيا ووقتا استمر اكثر من عام وقتها لا يمكن أن يتحمله المواطن اليوم فى انتظار حل البطاقة من حكومة ولاية الخرطوم . هذا من ناحية و من ناحية أخرى تتطلب البطاقة اجراء تعداد سكانى (حصرى) لولاية الخرطوم يشمل كل الاحياء و المناطق التى تستهدفها البطاقة .لابد من وجود أتيام فنية تقوم بالرصد و الحصر و الاحصاء الدقيق يتطلب ساعة صفر و عطلة عامة .غياب اللجان الشعبية و بقية منظمات المجتمع المدنى و ابتعادها عن حياة الناس و قضاياهم و مشاكلهم سيجعل من عودتهم مرة اخرى لممارسة اجراءات التعداد و الرصد و الحصر ، تكلفة مالية .
@ إستخراج البطاقة التموينية عمل شاق لا يحتمل التخمين او العشوائية حتى يفرز نتائج منطقية تبنى عليها الخطة التموينية مع مراعاة أن كل الاسر عند تعداد افرادها خاصة لإستخراج البطاقة تقوم بزيادة عدديتها ، هذا من جانب المواطنين إلا أن الجانب الاكثر تعقيدا و فسادا ، يختص بالجهات الرسمية التى تتعلق بتحديد الحصص و توزيعها من المورد حتى المستهلك و ما يرتبط بممارسات فاسدة لا يمكن ضبطها و بصريح العبارة إن تطبيق البطاقة التموينية مرة أخرى فى عهد الانقاذ عبارة عن مهزلة و ترسيخ مقنن للسوق السوداء و السمسرة النشاط الطفيلى. البطاقة يتطلب تنفيذها صبر أيوب و مال قارون ونزاهة عمر بن عبدالعزيز و كل ذلك لا يتوفر الآن . تكلفة استخراج البطاقة التموينية أولى بها توفير السلع الضرورية لأن إدارة الازمة عبر البطاقة التموينية لن توفر السلع لأنها لا تنتجها بل ستخلق (مافيا) جديدة و اثرياء غفلة جدد و مشجب جديد لتعليق الفشل .