الأسس الفلسفية لعلم النفس
محتويات المقال
الفلسفة وعلم النفس
تدرس العلوم الإنسانية على نطاق واسع في مختلف دول العالم وتتعدّد التخصّصات وتتقاطع في العديد من النقاط كلّما زاد التعمّق والتخصّص في تلك الدراسات للطلبة في المستويات الجامعية وما بعدها، وتعتبر الفلسفة أمّ العلوم الإنسانية بلا منازع، ومنها خرجت العديد من الدراسات الإنسانية الأخرى وأهمّها علم النفس، إلى جانب وجود تخصّصات فلسفية تدرس جميع أصناف العلوم بما في ذلك التطبيقية منها، ومع تطور الدراسات الفلسفية والنفسية استقل علم النفس تماماً وأخذ أشكالاً تطبيقية متعددة، ولكن تظل العلاقة بين كل من الدراسات النفسية والفلسفية قائمة وتؤثر كل منها على الأخرى.
الأسس الفلسفية لعلم النفس
تساؤل الفلاسفة عن طبيعة النفس البشرية وأصلها كان أحد اللبنات الأولى التي شكلت الدراسات الفلسفية ووضعها على طريق التطوّر والاستقلال، حيث لاحظ الفلاسفة الإغريق وجود علاقة بين النشاط البدني والحالة النفسية التي تصيب الإنسان، الأمر الذي دفعهم إلى تصور وجود عناصر أخرى تشكل الإنسان غير الأعضاء الفسيولوجية، وقد احتلت الدراسات النفسية مكانة هامّة عند أغلب الفلاسفة القدماء ومنهم الفلاسفة المسلمون أمثال ابن سينا الذي أفرد العديد من الرسائل التي تتناول العلاقة بين النفس والبدن، وإثبات وجود النفس بالبراهين الفلسفية والمنطقية، ولم يستقل علم النفس عن الفلسفة بصورة واضحة إلا في القرن التاسع عشر في أوروبا مع الاكتشافات العلمية للأعصاب وتأثيرها على الحالة النفسية للإنسان.
مراحل تطور علم النفس
- مرّ علم النفس في طريق استقلاله عن الفلسفة بمرحلتين أساسيتين، أولهما علم النفس الشعبي الذي كان ما زال مرتبطاً بالفلسفة بشكل كبير، وركّز علم النفس الشعبي على دراسة الأسباب التي تدفع بالإنسان إلى فعل سلوكيات معيّنة، واعتمد في الدراسة والتحليل على الحكم والأمثال الشعبيّة التي تم اعتبارها صادقة لكونها متوارثة منذ القدم وتمثل خلاصة التجارب والملاحظات البشرية ولا تحتاج لبراهين لإعادة إثباتها مرة أخرى، ويرفض علم النفس الحديث تلك التعميمات نظراً لاعتماده على التجريب والملاحظة المخبرية.
- علم النفس العملي كان المرحلة التانية التي مثلت بداية الاستقلال الحقيقي عن الفلسفة، فقد أفرد المتخصّصون في الدراسات النفسية العديد من الأطروحات التي تتناول السلوك البشري وتفسيره بمعزل عن الفلسفة، واعتمدوا بصورة رئيسية على التجريب والملاحظة، ومثّلت مرحلة أواسط القرن التاسع عشر وبدايات القرن العشرين ظهور علم النفس كدراسة مستقلة تماماً خصّصت لها مختبرات في الجامعات الأوروبية والأمريكية، حيث أسس فونت أول مختبر لعلم النفس التجريبي في ألمانيا ومنه خرجت المدرسة البنائية التي عُدّت أوّل مدرسة في علم النفس الحديث.