استشهاد عقبة بن نافع
الأبطال هم اللذين يصنعونَ التاريخَ ويمنحونَ الأمم والحضارات هامات عالية تفخر بها، على مر العصور، وعندما نتحدَّث عن تاريخِ أمةٍ لابدَّ أنْ ندرسَ ابطالها، وقادتها، ونتتبَّعَ حياتهم لأنَّ سيرتهم أصبحت جزءاً من تاريخِ أوطانهم، وحضارتهم، وفي حضارتنا الغسلامية نجد الكثير من النماذج المضيئة، والقادة العظام اللذينَ سخَّروا حياتهم للرفع راية الإسلام في جميع الأقطار وبذلوا في ذلكَ المال، والنفس، والدم، حتَّى توسعت رقعة الإسلام في أرجاء المعمورة، وحتى استمرَّ هذا الدين ووصلَ إلينا، ومن هؤلاءِ القادة الصحابي المغوار عقبة بن نافع فاتح بلاد المغرب، والذي ساتناول حياته وإستشهاده في هذا المقال،
أولاً / حياة الصحابي عقبة بن نافع :_
هو الصحابي البطل القائد عقبة بنْ نافع بن عبد القيس الأموي، الفهري، القرشي، ولد قبلَ سنة من الهجرة، ونشأ منذُ صغره في كنفِ الإسلام، والرسولِ والصحابه عليهم السلام، وهو ابن خالة الصحابي الجليل عمرو بن العاص، وقد شارك معه في فتح مصر، وفي معارك الفتوحات في قارة افريقيا وعندما فتحَ مدينة “برقة”، ولَّاهُ عليها ومنها انطلقَ مع جنوده في فتوحات اخرى، وقد أظهر براعة عسكرية، وذكاء حربي فذ، انتبهَ لهُ الخليفة معاوية بن أبي سفيان لذلكَ فقدْ ولَّاهُ أفريقيا فانطلقَ فاتحاً بلادَ المغرب ’ حتى وصل إلى وادي القيروان، وهناكَ بنى بهِ مدينه القيروان المشهورة، وقد ظلَّ حاكماً في افريقيا حتَّى عزله الخليفة معاوية عام 55، وعادَ للفتوحات ثانيةً في عهد يزيد بن معاوية عام 62، وانطلقَ ثانيةً على رأس جيوشه فاتحاً البلاد حتَّى وصلَ إلى حدود المحيط الأطلنطي، وطرد البيزنطيين من مساحات واسعة من أفريقيا، وقد حفر التاريخ موقفه الرائع من أحداث الفتنة بينَ الصحابة في عهد سيدنا عثمان بن عفان، وبعده سيدنا علي، حيثُ اعتزلَ الفتنةَ تماماً واختفى عدة سنوات، حتى انتهت الفتنه .
ثانياً/ استشهاد الصحابي عقبة بن نافع :_
استمرَّ القائد عقبة بن نافع في مسيرة الفتوحات الإسلامية في المغرب حتى وصل إلى منطقة تسمى “السوس القصوى” في أقصى الشمال، ففتحها وغنمَ منها، ثمَّ عادَ للقيروانْ وولَّى القائد زهير بن قيس البلوي، وتركَ لأصحابه حريةَ التفرق في البلاد لأنهُ تمكنَ منها، وفتحها، وانطلقَ مع ثلاثمئة صحابى إلى منطقة تسمى “تهوذه”، فلمَّا رآهُ الروم أنَّهُ خرجَ مع قلةٍ من أصحابه أرادو قتله، فأغلقوا الحصن وشتموه وسبوه، وهو يدعوهم إلى الإسلام، ثمَّ خرج القائد العسكري الأمازيغي كسيلة بن لمزم، الذي اتفقَ معَ الروم على قتلِ عقبه، واستدعى حلفاؤه البربر الوثنيين، وجمعَ لهُ جمعاً غفيراً، ودخلَ قتالاً عنيفاً معَ سيدنا عقبة والصحابة، واشتدتْ المعركة وقد صمدَ فيها الصحابة والقائد عقبة برغم قلة عددهم حتَّى استشهدوا جميعاً على أرض “الزاب” بتهوذه، عام 63 هجري، وبعد عام قتلَ كسيلة بن لمزم قاتلُ عقبة على يد زهير بن قيس البلوي، وقد دفنَ سيدنا عقبه هناك مع عدد من الصحابة، وقد بنيت أضرحة لهم تسمى إلى الآن باسم “سيدي عقبة”، وأقيمَ أيضاَ مسجد تقام فيهِ الصلاة إلى الآن .
كانَ سيدنا عقبة مثالاً للقائد المسلم الورع صاحب الأخلاق العالية، مرفوع الرايه، كانَ قريباً من الله مستجابَ الدعوة، فطناً ذكياً عُرفَ عنهُ الذكاء العسكري، الذي ظهر في خططه الحربية واستراتيجيات العسكرية التي كانَ يبدعُ بها، وقد بنى سيدنا عقبة مسجداً في النفيس سميَ مسجد عقبة، وهو معروف إلى الآن، بمسجد عقبة، ولا زلنا نقرا سيرة سيدنا عقبة المضيئة، الذي لهُ الفضل في وصول شمس الإسلام إلى بلاد المغرب العربي، وهوَ من القادة المسلمين الذينَ نفخرَ بهم، ونعتز بوجودهم في تاريخنا الإسلامي