إلا الزبير..!!.. بقلم عثمان ميرغني
السودان اليوم:
مساء أمس؛ كان عدد كبير من الصحفيين ينتظرون بلهفة أخبار جلسة مجلس شورى الحركة الإسلامية التي عقدت لاختيار الأمين العام.. وبصراحة، هذا العدد الكبير من الصحفيين كانوا يتوقعون بل ويتمنون أن لا تجدد الشورى للأستاذ الزبير أحمد الحسن.. وأن تختار رجلاً آخر غيره.. أتعلمون لماذا؟ لأن الصحفيين كانوا يخشون من حكاية (الطيرة)!!
ورغم أنها حكاية معروفة لغالبية القراء لكن لزوم الأقلية التي لم تسمع بها نعيدها.. الحكاية تقول أن رجلاً كان يجلس في حجرة بمنزله.. فدخلت (طيرة) من الباب، ومرت سريعاً دون توقف وغادرت بالشباك.. فنظر الرجل إليها وقال (يعني عملتي شنو؟)..
الحركة الإسلامية شغلت مساحات الأخبار لعدة شهور ماضية.. من أقاصي البلاد إلى أدناها، مؤتمرات قاعدية ومتوسطة وفئوية ونسوية وشبابية.. وكلمات وخطب نارية.. وهتافات.. ثم مؤتمرات قطاعية وولائية واتحادية.. نشاط أكثر مما يفعله الحزبان الديموقراطي والجمهوري في أمريكا في موسم الانتخابات.. حتى وصلت أخيراً لدوري الأربعة هنا في العاصمة الخرطوم..
وبدأت التصفيات النهائية.. ثم المباراة النهائية في أرض المعارض بالخرطوم.. المؤتمر العام.. وعدة آلاف من المشاركين من داخل وخارج السودان.. وميزانية مليارية صماء.. وزغاريد وضجيج وطبول وغبار.. مثل ليلة المولد التي رسمها شاعرنا المجذوب..
((وهنا حلقة شيخ يرجحن..
يضرب النوبة ضربا فتئن وترن..
ثم تَرفضّ هديراً أو تجن..
وحواليها طبول صارخات في الغبار.. حولها الحلقة ماجت في مدار ))
وكانت ليلة “القفلة” أمس، في قاعة الشهيد الزبير.. وكتم الصحفيون أنفاسهم وهم يتمنون أن لا تختار الحركة الإسلامية الأستاذ الزبير أحمد الحسن أميناً عاماً.. وتختار أي شخص آخر غيره.. أي شخص، المهم أن لا يعود الزبير!!
أتعرفون لماذا؟
لأن ذلك هو آخر أمل أن تهرب الصحافة من قصة (الطيرة) التي رويتها لكم في بداية هذه السطور.. فالعُرف الصحفي أن الخبر ليس هو أن يعض الكلبُ الرجلَ، بل أن يعض الرجلُ الكلبَ.. وطوال مسيرة ومهرجانات الحركة الإسلامية هذه ظل الكلب يعض الرجل.. نفس الكلام بنفس الشخصيات.. فإذا انتهت الوليمة بإعادة التجديد للزبير فإن (الطيرة) تغادر بالشباك.. ويصبح من حق الرجل أن يسأل ببراءة (يعني عملتي شنو؟).. فالنتيجة بعد كل هذه المليارات الضخمة التي صرفت على المؤتمرات هي الوضع ذاته قبل بداية المؤتمرات.. بل هو الوضع ذاته على مدار سنوات ماضية.. ينتهي الموسم بتوصية لحزب المؤتمر الوطني أن يرشح الرئيس البشير لانتخابات الرئاسة.. ثم يجدد تفويض الأمين العام..
وطبعا لأن الصحافة تبحث عن (الخبر).. فيصبح الشعار السري الذي لا يهتف به أحد (.. إلا الزبير)!! ليس اعتراضاً على الزبير بل لأن ذلك هو الأمل الوحيد في الحصول على خبر!!.