أشهر حكومات الظلّ
محتويات المقال
مفهوم حكومة الظلّ
وتُسمّى بالمعارضة، أو الحكومة الوهمية، أو الكابينيت، أو حكومة برلمانية، وهي عبارة عن حكومة غير رسمية وغير مُتواجدة على المسار التنفيذيّ للبلاد، ودون قوّة فعليّة أيضاً، تتشكل من قِبَل حزب أو تيّار غير مشارك في الحكومة التنفيذيّة، وتضم أعضاءً من الأحزاب المُعارِضة للحزب الموجود في السّلطة. في بريطانيا تكون حكومة الظّل عبارة عن جهاز دستوريّ بريطانيّ أو مُؤسّسة برلمانيّة بريطانيّة يرأسها زعيم المُعارضة أو الحزب المُعارض في البرلمان، والذي يُعتبر مسؤول حكوميّ ويتقاضى مُخصّصات حكوميّة سنويّة. وتتكوّن هذه المؤسسة من النّاطقين باسم الحزب المُعارض في مختلف المجالات الخارجية والبرامج التعليميّة والصحيّة، والقانونيّة وغيرها،[١] وينتظم بموجبها حزب المعارضة كحكومة مُناهضة، فيتسلم رئيسه مَهمّة رئاسة هذه الحكومة ويُوزّع بين مسؤوليه الكبار المُحافظات الحكوميّة المُهمّة. [٢]
بداية ظهور حكومة الظلّ
لا يُعرَف تاريخ مُحدّد لظهور مُصطلح حكومة الظلّ، إلا أنّ المُصطلح ظهر في أواخر القرن التاسع عشر في بريطانيا، حيث أُنشِئ بالاستناد إلى بقانون وزراء العرش عام 1937، واعتاد أعضاء الحكومة المهزومة في الانتخابات الاجتماع بقيادة المُعارضة ضدّ الحكومة الجديدة، وفي الخمسينيات من القرن الماضي، ومع نشأةالديمقراطيّة في إنجلترا تطوّر أسلوب المُعارضة وأصبحت حكومة الظلّ جُزءاً أساسيّاً من العمليّة السياسيّة في بريطانيا. يُطلَق على حكومة الظلّ في بريطانيا وكندا وأستراليا اسم “المعارضة الوفية لجلالتها” في إشارة إلى الملكة إليزابيث.[٣]
وظائف حكومة الظلّ
تُمارس المُعارضة في إطار العمليّة السياسيّة الديمقراطيّة وفي النّظم الديمقراطيّة الليبراليّة وظائف مُهمّة لا غنى عنها من أجل الحفاظ على التّوازن الداخلي لهذه النُّظم، والحيلولة دون تحوّل الحكم عن المبادئ الديمقراطيّة، والجنوح نحو الاستبداد، ومن هذه الوظائف ما يأتي:[٤]
- مُعارضة الحكومة الموجودة في الحكم وتدارك أخطائها، وليس التّساؤل حول شرعيّة الحاكم في الحكم، وبالتّالي تعمل على توجيه النّقد لرأس السّلطة أو للحكومة الحاليّة، وتُوفّر منظوراً مُختلفاً للسّياسات التي تُنفّذها الحكومة الفعليّة.[٣]
- مُتابعة سياسة الحكومة وانتقادها والتّعبير عن رأي الحزب المُعارض في مُختلف المجالات. يقوم زعيم الحزب المعارض باختيار أعضاء حكومة الظلّ، وكثيراً ما يحتفظ هؤلاء بحقائبهم عند استلام المُعارضة زمام الحكم على أثر انتخابات نيابيّة جديدة ولهذا، فإن وجود هذه المُؤسّسة يُقوّي من مكانة زعيم الحزب داخل صفوف حزبه.[١]
- التّفاعل مع القرارات الحكوميّة وطرح مُقترحات مُقابلة، بهذا الشّكل تقوم بمَهمّة رمزيّة مُزدوجة المفعول، فتحمل المُعارضة مسؤوليّة ما وتُقرّ بدورها المؤسّساتي. [٢]
- كشف أفضل الحلول: حيث إنّ الحكومة لا تتمتّع بسلطاتها الواسعة إلا لتحقيق خير الجماعة وحلّ مشاكلها، وحل المشاكل العامّة ليس بالأمر الهيّن، فعادة ما يكون للمشكلة الواحدة حلول مُتعدّدة لكلّ منها مزايا وعيوب، وهنا يأتي دور حكومة الظلّ، فيقع على عاتقها المُعارضة الجادّة، وتعمل على كشف عيوب الحلّ الذي تقترحه أو تُقرّره الحكومة، وتُبيّن الحل البديل الذي تراه أكثر تحقيقاً للنّفع العام.
- إشراك المُعارضين في الحكم: تعترف كافّة الدّساتير بحقّ المواطنين جميعاً في الاشتراك في حكم بلدهم، فيختلف موقف المواطنين من الحكومة القائمة بين مُؤيّدين ومعارضين؛ أمّا المُؤيّدين فلا قيود عليها ولا حرج في إظهار تأييدهم للحكومة، أمّا المُعارضون فغالباً ما تكون حكومات الظلّ هي خير مُعبّر عنهم.
- مُقاومة النّزعات الدكتاتوريّة: إنّ أغلب النّاس إذا تولّى سعى في الأرض ظُلماً وفساداً، وقد أدرك النّاس بالتّجربة أنّ تعدّد السّلطات يُمكن أن يحول دون وقوع جور من الحُكّام على المحكومين أو على الأقل يُخفّف من وطاته، وهذه هي الحكمة التي دفعت إلى إقرار مبدأ الفصل بين السّلطات، وقد كان تطبيقه في أول الأمر يهدف إلى الفصل بين السّلطة التشريعيّة مُمثَّلة في الشّعب، والسّلطة التنفيذيّة مُمثَّله في الملك، وكان الهدف منه الحد من سُلطة الملك ورقابته في استخدام السّلطة، غير أنّ التطوّر الحديث في الدّول البرلمانيّة قد أدّى إلى تعديل مبدأ الفصل بين السّلطات بأن استبدل الأحزاب السياسيّة بالسّلطات العامّة التي يوقف بعضها الآخر، وأصبح الفصل بين حزب الأغلبيّة الذي يتولّى الحكومة، وحزب الأقليّة الذي يتولّى المُعارضة، وغدت القوّتان اللّتان تُوقِف إحداهما الأخرى هما الحكومة وحكومة الظلّ التى تُمثّل المعارضة.
أين يتواجد أعضاء حكومة الظلّ
أينما يتواجد من يمتلك المعلومة يتواجد عضو من أعضاء حكومة الظلّ؛ إنّ أكثر جهتين تعلمان ما يدور في كواليس الوزارات وأروقة جهاز الحكم هما الرّقابة الإداريّة والمُخابرات العامّة، كما أنّهما أيضاً أكثر جهازين مُؤهلَين لاختيار الأفراد القادرين على الحكم بناءً على خطط وقرارات الحكومة، وإعطاء مُرادفات لمُتَّخِذ القرار النهائي، خاصّة أنّهم دائماً ما يتدخّلون فى التّعيينات. يوجد حاليّاً لكل وزارة ومُحافظة أكثر من مُختصّ من هذه الأجهزة، ويمكنهم في أسابيع اقتراح أعضاء ينضمّون إلى حكومة الظلّ، كما أنّهم يعلمون أيضاً من يعارض ومن يُهادن داخل أجهزة الدّولة.[٥] من أشهر أعضاء حكومة الظلّ توني بلير وزير الداخليّة البريطانيّ مُمثّلاُ لحزب العُمّال المُعارض، ومارجريت تاتشر، وفيليب هاموند عن حزب المُحافظين. [٦]
أشهر حكومات الظلّ
من أشهر الأمثلة على حكومات الظلّ حزب العمال في بريطانيا؛ فبعد هزيمة هذا الحزب أعلن عن تشكيل حكومة ظل يترأسها آد ميليباند، وذلك في الثّامن من تشرين الأول عام 2010م، وضم في أعضائه نُظرَاء للوزراء المُستلمين للسّلطة الفعليّة في بريطانيا، واختير الأعضاء عن طريق انتخاباتٍ داخليّة أُجرِيت في الحزب تمهيداً لاستلام السّلطة فعليّاً في حال سقوط حزب المُحافظين. بالإضافة إلى بريطانيا والولايات المُتّحدة الأميركيّة فإنّ حكومة الظلّ تنتشر في العديد من الدّول، مثل: بولندا، واليابان، ورومانيا، وجزر البهاما، وأوكرانيا، واسكتلندا، وسلوفينيا، وجنوب أفريقيا، وكوسفو، وفرنسا، وإيطاليا، وأستراليا، والسّودان.
تُعتبر حكومة الظلّ صورةً ساميّة للديمقراطيّة، بحيث تدفع الجميع للعمل دون تهميش أيّ جانب، والغاية دوماً خدمة الوطن، لهذا نجد الدّول الدكتاتوريّة تخلو من حكومات ظلّ.