أسماء شعراء المهجر , من هم شعراء المهجر

يطلق مصطلح المهجر علی شعبة الأدب العربی الحديث الذی نشأ فی البلدان الاروبية والأمريکية عند عدد من الأدباء العرب الذين هاجروا إلی أمريكا ولا سيّما أمريكا الشّماليّة والجنوبيّة في أواخر القرن التّاسع عشر ومطلع القرن العشرين، وكان أكثرهم من سوريا ولبنان. وبعد مهاجرتهم إليها والاستقرار فيها ترکوا آثاراً أدبيةً من آثار الأدباء فی البلدان العربية من وجهتي:

الأولی: تأثرهم من الأدب الأروبي والأمريکی.

والثانية: إفتتاح باب جديد فی المجال العاطفی والتّصويري أمام أعين الأديب نتيجة الحياة فی بيئة جديد.

أمّا اليوم قد أصبح يُطلق على هؤلاء الأدباء الّذين يسكنون في بلاد أجنبيّة منها: کندا، البرازيل، الأرجنتين، شيلی، سنسناتی والمکسيك و… باسم المغربين بدل المهاجرين.

عوامل الهجرة

عند ما يضطهد الإنسان من بيئته الإجتماعيّة في الأبعاد المختلفة: إجتماعية، سياسية، ثقافيّة واقتصاديّة ويعاني منها فلابدّ له أن يبحث عن بيئة جديدة تمكّن له عيشة كريمة مطلوبة يحسّ فيها الأمن والرّاحة، تخلّصاً عن الفقر والإضطهاد والضّغط . فعند ذلك لا يجد أمامه منفذاً إلاّ مغادرة الوطن والهجرة إلي زاوية أخري من زوايا الأرض التّرابيّة للوصول إلي مُراده . فالهجرة بالنسبة للأدباء العرب كذلك، والعوامل المؤثّرة في هذه الهجرة مختلفة، منها:

2-2

ب – العامل الإجتماعي: فإنّ الصّراع الّذي نشأ في المجتمع العربيّ بين الطّبقة الوُسطي وطبقة الإقطاعيّين الّذين كانوا أصحاب القدرة والثّروة، وهذا كان حائلاً دون تحقيق طموح الطّبقة الوُسطي من عدالة وحُرّية من قيـود الظّلم وتدخّل الإستعمار الأجنبيّ ومزيد من الرّفاهيّة

ج – العامل الإقتصاديّ : شيوع الفقر والشّقاء وإهمال الزّراعة وانتشار الصّناعات الآتية وبوار الصّنائع اليدويّة التقليديّة جنب كثـرة السّكّان في البلاد العربيّة منها : سوريا ولبنان، كان كلّها أسباب سيادة الجوع والحرمان علي النّاس

د – العامل المذهبيّ: فالفتنة الموجودة بين النّصاري من المُوارنة والمسلمين من الدَّروز في لبنان، وقتل عدد كبير من المسلمين، دَفَعهم إلي المهاجرة ومغادرة الوطن.

ذ – العامل التّاريخي: إنّ السّوريّين واللبنانيّين كانوا منذ القديم أصحاب الهجرة واجتياز الأرض للتّجارة والحياة الكريمة.

و– العامل الأخير: هوحرّية النّاس في اختيارهم البقاء في موطنهم أم تركه والهجرة إلي البلدان الأجنبيّة ، وأيضاً عدم تقيُّدهم بقوانين خاصّة لترك الوطن والمهاجرة.

هجرة أدباء العرب

كان طبيعيّاً أن يكون الأدباء – ولا سيّما الشّعراء منهم – بين هذه الفترة وهذا الجيل مُمثّلين لَحَملة راية التحرّر من القيود المختلفة عن أربُع الإنسان. فكانت موضوعاتهم الأدبيّة صورة رافضة لهذا الواقع الحاكم علي المجتمع البشريّ .

فإنّهم أبناء لسان واحد وديار واحد وأحفاد العرب الأمجاد، فاستطاعوا تأليف أحياء خاصّة لأنفسهم في مُدن أجنبيّة في رأسها أمريكا بطابع الشّـرقيّة. هم نـقلوا اللغة العربيّة والأدب العربيّ إلي تلك المهاجرة البعيدة، وهناك أخذوا يكتبون مقالات إجتماعيّة – سياسيّة، ينشرونها في صحف مختلفة أدبيّة أصدروها بلغتهم العربيّة، كما كانت لهم آثار أدبيّة، نحوالأشعار والأقاصيص والمنظومات المعبّرة عن مجالاتهم الفكريّة والوجدانيّة.

يُشبّه الدّكتور الخفاجي هجرة الشّعر العربيّ إلي أمريكا الشّماليّة والجنوبيّة، هجرة الشّعر إلي الأندلس في أوائل القرن الثّاني من الهجرة (أوائل القرن السّابع الميلاديّ )، فالشّعر المهجريّ صِنوُ الشّعر الأندلسي … وإن اختلف الأسباب في المهجرتين:

فالهجرة الأندلسيّة كانت في ظلال دولة عربيّة قويّة، والهجرة الجديدة كانت في ظلال حياة المهاجرين الّذين لا يملكون شيئاً من المجتمع الجديد[6]

ـاً رَكِبَ الـموتَ في سبيلِ البـقاء

فمن المهاجرين من الخزط في سلك الحياة واعتبر نفسه واحداً من القوم هناك، ومنهم من سَلِمَ من عاديات الزّمن، وتمكّنَ عن الإحتفاظ بشخصيّته الوطنيّة والقوميّة، فكانوا في مهجر لا يفهمون لغته، فاعتمدوا علي ذُكائهم ونشاتهم وإقدامهم. وذلّلوا كلّ صعب وتعلّموا اللغة الأجنبيّة، وأنشئوا الصُّحف اليوميّة بلغتهم العربيّة ولغة مَهجرهم. أوّل هذه الصّحف صحيفة عربيّة باسم «كوكب أمريكا » لحبيب ديّاب أصدرها عام 1888م.

مدرسة شعراء المهجر

إثر هجرة الأدباء إلي البلدان الأجنبيّة نشأت مدرسة شعراء المهجر الّتي دعتْ في أوّل الأمر إلي الثّورة علي أوضاع الوطن المختلفة، والبحث عن الحقّ والصّدق، والخير والجمال، والحرّية والعدل في الغربة، ولكنّهم بعد العجز عن تحقيق هذه المعاني في عالم الواقع، بَنَوا هذه المدينة الفاضلة في خيالهم.

كان أصحاب هذه المدرسة مجتمعين في أمريكا الشّماليّة، في صدرهم جبران خليل جبران. وبعده أصحابه: رشيد أيّوب، إيليا أبوماضي، ميخائيل نعيمة، نسيب عُريضة، وفي أمريكا الجنوبيّة أدباء، مثل: إلياس فرحات، فوزي المعلوف، رشيد الخوري وأبي الفضل الوليد.

الرّابطة القلميّة

بينما نشأت في المهجر مدرسة جديدة للشّعر، تدعمها رابطتان: الرّابطة القلميّة في أمريكا الشّماليّة (عام 1920 م ) أسّسها عبد‌المسيح حداد، وفي صدرها جبران خليل جبران عميداً لها وميخائيل نعيمة مستشاراً لها، إلي جانب أدباء مثل: إيليا أبوماضي، ندرة حدّاد، رشيد أيّوب، وديع ياحوط، إلياس عطاءاللّة ونسيب عريضة.

هذه الرّابطة تُضمّ قُويَ أدباء المهجر وتُوحّدهم في سبيل تقوية اللغة العربيّة وآدابها. اتّخذوا من الفنون الغربيّة دعائمَ لنهضتهم واقتبسوا من الشّعر العربيّ نظرته الإنسانيّة الخالصة. فجاؤوا فيها بآثار رائعة، كالطّلاسم لإيليا أبي ماضي، ورباعيّات فرحات، اللّذيْن كان لهما صديً مُدَوٍّ في العراق. أصدرت هذه الرابطة جريدة باسم (السّائح) بنظارة عبد‌المسيح حدّاد كانت لسانها النّاطق باسمها والمعبّرة عن أفكارها وأساليبها.[10]

هذه الرّابطة مختصّة بالمهجريّين في أمريكا الشّماليّة الّذين طرقوا كُلَّ فنّ، ونظموا في كلّ غرض وظهرت بينهم مختلف النزعات الكلاسيكيّة . الرّومانسيّة، الواقعيّة والرّمزيّة وصاروا أكثر تحرّراً في اللغة وأكثر تجديداً في الألفاظ والأساليب.

كتاب الغربال لنعيمة ( 1923 م ) يُمثّل أحسن تمثيل آراءَ ونظرات الرّابطة، قال نعيمة في مقدّمة دستور «الرابطة القلميّة »:

« ليس كلّ ما سُطر بمداد علي قرطاس أدباً، ولا كلّ من حرّر مقالاً أونظم قصيدة موزونة بالأديب. فالأديب الّذي نعتبره هوالأديب الّذي يُستمدّ غذاؤه من تُربة الحياة ونورها وهوائها … والأديب الّذي نُكرمه هوالأديب الّذي خُصّ بِرقّة الحسّ ودقّة الفكر وبُعد النّظر في تموّجات الحياة وتقلّباتها، وبمقدرة البيان عمّا تُحدثه الحياة في نفسه من التّأثير. »

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى