آدآب الوضوء , أحكام الوضوء , شروط الوضوء , فروض الوضوء , سنن الوضوء , مستحبات الوضوء

يقول الله تعالى : ( يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا قُمْتُمْ إِلَى الصَّلَاةِ فَاغْسِلُوا وُجُوهَكُمْ وَأَيْدِيَكُمْ إِلَى الْمَرَافِقِ وَامْسَحُوا بِرُءُوسِكُمْ وَأَرْجُلَكُمْ إِلَى الْكَعْبَيْنِ ) الآية ; فهذه الآية الكريمة أوجبت الوضوء للصلاة , وبينت الأعضاء التي يجب غسلها أو مسحها في الوضوء , وحددت مواقع الوضوء منها , ثم بين النبي صلى الله عليه وسلم صفة الوضوء بقوله وبفعله بيانا كافيا .
اعلم أيها المسلم ! أن للوضوء شروطا وفروضا وسننا , فالشروط والفروض لا بد منها حسب الإمكان ; ليكون الوضوء صحيحا , وأما السنن ; فهي مكملات الوضوء , وفيها زيادة أجر , وتركها لا يمنع صحة الوضوء :

فالشروط هي :
– الإسلام , والعقل , والتمييز , والنية ; فلا يصح الوضوء من كافر , ولا من مجنون , ولا من صغير لا يميزه , ولا ممن لم ينو الوضوء ; بأن نوى تبردا , أو غسل أعضاءه ليزيل عنها نجاسة أو وسخا .
– ويشترط للوضوء أيضا أن يكون الماء طهورا كما سبق , فإن كان نجسا ; لم يجزئه . ويشترط للوضوء أيضا أن يكون الماء مباحا , فإن كان مغصوبا أو تحصل عليه بغير طريق شرعي ; لم يصح الوضوء به .
– وكذلك يشترط للوضوء أن يسبقه استنجاء أو استجمار على ما سبق تفصيله .
– ويشترط للوضوء أيضا إزالة ما يمنع وصول الماء إلى الجلد ; فلا بد للمتوضئ أن يزيل ما على أعضاء الوضوء من طين أو عجين أو شمع أو وسخ متراكم أو أصباغ سميكة ; ليجري الماء على جلد العضو مباشرة من غير حائل .

وأما فروض الوضوء – وهي أعضاؤه – ; فهي ستة :
أحدها : غسل الوجه بكامله , ومنه المضمضة والاستنشاق , فمن غسل وجهه وترك المضمضة والاستنشاق أو أحدهما ; لم يصح وضوءه , لأن الفم والأنف من الوجه , والله تعالى يقول : ( فَاغْسِلُوا وُجُوهَكُمْ ) فأمر بغسل الوجه كله , فمن ترك شيئا منه ; لم يكن ممتثلا أمر الله تعالى , والنبي صلى الله عليه وسلم تمضمض واستنشق .
الثاني : غسل اليدين مع المرفقين , لقوله تعالى : ( وَأَيْدِيَكُمْ إِلَى الْمَرَافِقِ ) أي : مع المرافق ; لأن النبي صلى الله عليه وسلم أدار الماء على مرفقيه , وفي حديث آخر : ( غسل يديه حتى أشرع في العضد ) مما يدل على دخول المرفقين في المغسول .
والثالث : مسح الرأس كله , ومنه الأذنان ; لقوله تعالى : ( وَامْسَحُوا بِرُءُوسِكُمْ ) وقال صلى الله عليه وسلم : ( الأذنان من الرأس ) رواه ابن ماجه والدارقطني وغيرهما ; فلا يجزئ مسح بعض الرأس.
والرابع : غسل الرجلين مع الكعبين , لقوله تعالى : ( وَأَرْجُلَكُمْ إِلَى الْكَعْبَيْنِ ) و ( إلى ) بمعنى ( مع ) , وذلك للأحاديث الواردة في صفة الوضوء ; فإنها تدل على دخول الكعبين في المغسول .
والخامس : الترتيب ; بأن يغسل الوجه أولا , ثم اليدين , ثم يمسح الرأس , ثم يغسل رجليه ; لقوله تعالى : ( يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا قُمْتُمْ إِلَى الصَّلَاةِ فَاغْسِلُوا وُجُوهَكُمْ وَأَيْدِيَكُمْ إِلَى الْمَرَافِقِ وَامْسَحُوا بِرُءُوسِكُمْ وَأَرْجُلَكُمْ إِلَى الْكَعْبَيْنِ ) والنبي صلى الله عليه وسلم رتب الوضوء على هذه الكيفية , وقال : ( هذا وضوء لا يقبل الله الصلاة إلا به ) رواه أبو داود وغيره .
السادس : الموالاة , وهي أن يكون غسل الأعضاء المذكورة متواليا , بحيث لا يفصل بين غسل عضو وغسل العضو الذي قبله , بل يتابع غسل الأعضاء الواحد تلو الآخر حسب الإمكان .
هذه فروض الوضوء التي لا بد منها فيه على وفق ما ذكره الله في كتابه .

وقد اختلف العلماء في حكم التسمية في ابتداء الوضوء هل هي واجبة أو سنة ؟ فهي عند الجميع مشروعة , ولا ينبغي تركها , وصفتها أن يقول : بسم الله , وإن زاد : الرحمن الرحيم , فلا بأس .
والحكمة – والله أعلم – في اختصاص هذه الأعضاء الأربعة بالوضوء , لأنها أسرع ما يتحرك من البدن , لاكتساب الذنوب , فكان في تطهير ظاهرها تنبيه على تطهير باطنها , وقد أخبر النبي صلى الله عليه وسلم أن المسلم كلما غسل عضوا منها ; حط عنه كل خطيئة أصابها بذلك العضو , وأنها تخرج خطاياه مع الماء أو مع آخر قطر الماء .
ثم أرشد صلى الله عليه وسلم بعد غسل هذه الأعضاء إلى تجديد الإيمان بالشهادتين , إشارة إلى الجمع بين الطهارتين الحسية والمعنوية . فالحسية تكون بالماء على الصفة التي بينها الله في كتابه من غسل هذه الأعضاء , والمعنوية تكون بالشهادتين اللتين تطهران من الشرك .
وقد قال تعالى في آخر آية الوضوء : ( مَا يُرِيدُ اللَّهُ لِيَجْعَلَ عَلَيْكُمْ مِنْ حَرَجٍ وَلَكِنْ يُرِيدُ لِيُطَهِّرَكُمْ وَلِيُتِمَّ نِعْمَتَهُ عَلَيْكُمْ لَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ ) وهكذا – أيها المسلم – شرع الله لك الوضوء ; ليطهرك به من خطاياك , وليتم به نعمته عليك .
وتأمل افتتاح آية الوضوء بهذا النداء الكريم : ( يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا ) فقد وجه سبحانه الخطاب إلى من يتصف بالإيمان ; لأنه هو الذي يصغي لأوامر الله , وينتفع بها , ولهذا قال النبي صلى الله عليه وسلم : ( ولا يحافظ على الوضوء إلا مؤمن )
وما زاد عما ذكر في صفة الوضوء ; فهو مستحب : من فعله ; فله زيادة أجر , ومن تركه ; فلا حرج عليه , ومن ثم سمى الفقهاء تلك الأفعال : سنن الوضوء أي : مستحباته ;

فسنن الوضوء هي :
أولا : السواك , وتقدم بيان فضيلته وكيفيته , ومحله عند المضمضة , ليحصل به والمضمضة تنظيف الفم لاستقبال العبادة والتهيؤ لتلاوة القرآن ومناجاة الله عز وجل .
ثانياً : غسل الكفين ثلاثا في أول الوضوء قبل غسل الوجه ; لورود الأحاديث به , ولأن اليدين آلة نقل الماء إلى الأعضاء , ففي غسلهما احتياط لجميع الوضوء .
ثالثاً : البداءة بالمضمضة والاستنشاق قبل غسل الوجه ; لورود البداءة بهما في الأحاديث , ويبالغ فيها إن كان غير صائم , ومعنى المبالغة في المضمضة : إدارة الماء في جميع فمه , وفي الاستنشاق : جذب الماء إلى أقصى أنفه .
رابعاً : ومن سنن الوضوء تخليل اللحية الكثيفة بالماء حتى يبلغ داخلها , وتخليل أصابع اليدين والرجلين .
خامساً : التيامن , وهو البدء باليمنى من اليدين والرجلين قبل اليسرى .
سادساً : الزيادة على الغسلة الواحدة إلى ثلاث غسلات في غسل الوجه واليدين والرجلين.
هذه شروط الوضوء وفروضه وسننه , يجدر بك أن تتعلمها وتحرص على تطبيقها في كل وضوء , ليكون وضوءك مستكملا للصفة المشروعة , لتحوز على الثواب . ونسأل الله لنا ولك المزيد من العلم النافع والعمل الصالح .

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى