ناقة الرسول
الرسول صلى الله عليه وسلم
بعث الله سبحانه وتعالى محمّداً عليه الصّلاة والسّلام ليكون للعالمين بشيراً ونذيراً، وقد اصطفاه الله من بين البشر جميعاً لحمل أمانة الرّسالة وتبليغ الدّعوة، فكان خير رسولٍ ومبلّغ عن ربّ العزّة جلّ وعلا، ولقد تملّك حبّ هذا النّبي العظيم قلوب الخلق حتّى كان الصّحابة يفتدونه بأنفسهم وأعزّ ما لديهم.
كما كانوا يحبّون قربه وملازمته والاستماع إليه والنّظر في محياه، لما يتسلّل إليهم من السّعادة والسّرور بسبب ذلك، وقد تعدّى حبّ النّبي عليه الصّلاة والسّلام إلى الحيوانات والشّجر والحجر، فقد روي أنّ النّبي عليه الصّلاة والسّلام وقف يوماً على جبل أحد، وقال لأصحابه: هذا جبل يحبّنا ونحبّه، كما روي أنّه مرّ في أحد الأيّام على جمل فرآه يبكي فاقترب منه النّبي الكريم ومسح على رأسه ونادى صاحبه وأمره بالإحسان إليه والرّفق في معاملته وإطعامه.
كان منهج النّبي الكريم منهجاً رفيقاً لا يقتصر على الإنسان، وإنّما يتعدّاه إلى الحيوان، فلم يروَ عنه يوماً أنّه عنّف راحلته التي كان يركب عليها أو ضربها، بل كان رحيماً بها لا يكلّفها بما لا تطيق من الأعمال، فما هو اسم ناقة الرّسول عليه الصّلاة والسّلام ؟ وما هي قصّتها ؟
القصواء ناقة رسول الله
عندما همّ النّبي عليه الصّلاة والسّلام بالهجرة إلى المدينة المنوّرة أخبر الصّديق أبا بكر رضي الله عنه بذلك، فسارع إلى شراء راحلتين بثمانمئة درهم، وأتى بهما النّبي الكريم قائلاً: يارسول الله هاتان الرّاحلتان، فاختر واحدة منهما.
قام النّبي باختيار راحلة منهما واشترط أن يأخذها مقابل الثّمن، وبعد أن اشتراها قام بيت النّبي بتجهيزها وإعدادها لتكون راحلة النّبي الكريم في الهجرة، وقد سمّيت ناقة رسول الله بالقصواء، وقيل أنّ سبب التّسمية تعود إلى أنّ النّبي الكريم قد أقصاها عن العمل والسّخرة والرّعي، وجعلها راحلةً له فقط.
كانت القصواء ناقة سخّرت للنّبي الكريم في مواطن كثيرة، فإلى جانب رحلة الهجرة إلى المدينة المنوّرة، ارتحلها النّبي الكريم يوم الحديبيّة حينما أراد التّوجّه إلى مكّة المكرّمة لأداء مناسك العمرة، وفي الطّريق إلى الكعبة وقفت القصواء فجأة فتعجّب الصّحابة من ذلك وقالوا خلأت القصواء، وأرادوا بذلك أنّها حرنت من غير علّة وسبب.
قام النّبي الكريم الرّحيم ليدافع عن القصواء وليقول ما حرنت القصواء، وإنّما حبسها حابس الفيل، وأراد بذلك النّبي أنّها حبست بأمر الله تعالى كما حبس فيل أبرهة الحبشي من قبل، وقد كان المكان الذي حبست فيه مكاناً يسمّى المغمس. بقيت القصواء بعد وفاة النّبي عليه الصّلاة والسّلام طليقة ترعى في منطقة البقيع حتّى ماتت في عهد الخليفة أبي بكر الصّديق رضي الله عنه.