مقتبسات جميلة جدا
.. أتذكر إذ التقينا وليس بيننا شابكة, فجلسنا مع الجالسين, لم نقل شيئاً في أساليب الحديث, غير أننا قلنا ما شئنا بالإسلوب الخاص باثنين فيما بين قلبيهما!
وشعرنا أول اللقاء بما لا يكون مثله إلا في التلاقي بعد فراق طويل, كأن في كلينا قلباً ينتظر قلباً من زمن بعيد..
ولم تكد العين تكتحل بالعين حتى أخذت كلتاهما أسحلتها.
وقلت لي بعينيك: أنا .. وقلت لك بعيني: وأنا..
وتكاشفنا بأن تكاتمنا وتعارفنا بأحزاننا, كأن كلينا شكوى تهم أن تفيض ببثها..
وجذبتني سحنتك الفكرية النبيلة التي تصنع الحزن في نفس من يراها.. فإذا هو إعجاب, فإذا هو إكبار, فإذا هو حب..
وعودت عيني من تلك الساعة كيف تنظران إليك!
وجعلت أراك تشعر بما حولك شعورا مضاعفا كأن فيه زيادة لم تزد..
وكان الجو جو قلبينا..
وتكاشفنا مرة ثانية بأن تكاتمنا مرة ثانية!
وَ الذي قدْ قُدِّر عليهِ الحبُّ لا يكونُ قدْ أحبَّ غيرَه أكثرَ ممّا يكونُ قدْ تعلَّمَ كيفَ يَنسى نفسَهُ في غيرِه, وَ هذهِ كما هيَ أعلى درجاتِ الحبّ, فهيَ أعلى مراتبِ الإحسان..
وَ متى صَدقَ المرءُ في حبّهِ كانتْ فكرتُه فكرتيْن: إحداهُما فِكرة، وَ الأخرى عقيدةٌ تجعلُ هذهِ الفكرةَ ثابتةً لا تتغيّر, وَ هذهِ كما هيَ طبيعةُ الحبّ فهيَ طبيعةُ الدّين.
وَ لا شيءَ في الدّنيا غيرَ الحبِّ يستطيعُ أنْ ينقلَ إلى الدنيا ناراً صغيرةً وَ جنّةً صغيرةً بقدرِ ما يكفِي عذابَ نفسٍ واحدةٍ أوْ نعيمَها, وَ هذهِ حالةٌ فوقَ البشريّة!
النفس أسمى من المادة الدنيئة، وأقوى من الزمن المخرب، ولا دين لمن لا تشمئز نفسه من الدناءة بأَنَفَة طبيعية، وتحمل هموم الحياة بقوة ثابتة.
لا تضطربوا؛ هذا هو النظام. لا تنحرفوا؛ هذا هو النهج. لا تتراجعوا؛ هذا هو النداء. لن يكبر عليكم شيء ما دامت كلمتكم: الله أكبر!
ليس الإيمان هو الاعتقاد ولا العمل، ولو كان من هذين لما شق على أحد ولصلحت الدنيا وأهلها؛ إنما الإيمان وضع يقين خفي
يكون مع الغريزة في مقرها، ويصلح أن يكون في مقرها لتصدر عنه أعمال الغريزة، وهذا اليقين لا يصلح كذلك إلا إذا كان يقينا ثابتا بما هو أكبر من الدنيا
، فيرجع إليه الإنسان فيتذكر فيبصر. هناك ميراث من الآخرة للمؤمن، فاليقين بهذا الميراث هو سر الإيمان.