محمد وداعة: مع الإمام.. الا إيران!
أتابع باهتمام وانتظام الصحفي السياسي رسائل الإمام الحبيب الصادق المهدي الأسبوعية وذلك أولاً لأهميتها ومخاطبتها لمختلف القضايا والمشكلات التي تعاني منها البلاد، وثانياً لأنها رسائل الإمام رئيس حزب الأمة وإمام الأنصار، وثالثاً لأنها من رئيس نداء السودان الذي أناصره علناً وأجد فيه طرحاً متوازناً وعاقلاً..
استمعت الى رسالة هذا الأسبوع، وفي البند رابعاً، لدي عليها ملاحظات جوهرية أرجو أن يتسع لها صدر الجميع، قال الإمام في رابعاً: (مواقف الرئيس الأمريكي تنطلق من قوله أمريكا أولاً، ويقول عن حلفائه العرب إنه حاميهم ولولاه لسقطوا ومقابل ذلك عليهم الامتثال لمصالح أمريكا بشراء صادراتها وبخفض أسعار البترول، أن عليهم أن يلتزموا بمصالح أمريكا ومصالح شريكتها إسرائيل هذه المواقف ربما أرضت ناخبي الرئيس الأمريكي ولكنها تمثل تدميراً معنوياً وسياسياً للقيادات العربية التي تزعم أنه يحميها، هذه المواقف الضارة لمن يريد دعمهم في العالم العربي ودائمة لمن يريد هدمهم أي إيران والسياسات التي اتبعتها أمريكا نحو إيران أبرزت توازن قوة دولي لصالحها على دول وشعوب أمتنا، وضع حد لهذا الهذيان باتخاذ الإجراءات الآتية فوراً، أناشد خادم الحرمين بوقف حرب اليمن فقد تحولت لأضرار مادية ومعنوية لكل أطرافها لا سيما للشعب اليمني الجريح والإقبال على صلح سياسي بين كل القوى الوطنية اليمنية وبالنسبة للدور السوداني فيها أتحدث باسم قطاع شعبي سوداني كبير وأطالب الأخ الرئيس السوداني سحب قواتنا من المشاركة في هذه الحرب، والمشاركة أيضاً مع الآخرين لتحقيق السلام والصلح في اليمن وأناشد كافة الأطراف المعنية إبرام صلح سني شيعي للتعايش والتعامل بالتي هي أحسن، إن منطقة الشرق الأوسط الكبير يتطلب عقد معاهدة أمن وسلام بين العرب وإيران وتركيا بلا تدخل قوى الهيمنة الدولية وينبغي اتخاذ موقف واضح وواحد لدعم الشعب الفلسطيني ورفض خِطة القرن التي تفرض استسلاماً متخلياً عن القدس وعن العودة وعن المساواة في المواطنة هذه هي مطالب الشعوب التي يرجى أن تتجاوب معها الحكومات)، لا خلاف مع الإمام فيما يقول عن الاستخفاف الأمريكي بشعوب المنطقة وقياداتها، ونتفق معه قلباً وقالباً في رفض صفقة القرن، ومحاولات تصفية القضية الفلسطينية، ولكن
لا شك أن مكانة الإمام الصادق السياسية وإسهاماته الفكرية واجتهاداته وتجديداته محل احترام كبير حتى لمن يعارضونه ويناصبونه العداء، ومن حقه طبعاً التعبير عن قناعاته الفكرية والسياسية كما يشاء وهذا أيضاً محل احترامنا وتقديرنا، وبالطبع من واجبنا أن نقول له أحسنت وهو غالب قوله، وأن نقول رأينا فيما نرى أنه اجتهاد يقبل أن يكون صحيحاً كما يحتمل أن يكون خطأً ربما يتم تداركه..
الرسالة البند (4) موضوع هذا المقال حسب ما ورد في التسجيل تضمنت فيما احتوت مناشدة لخادم الحرمين الشريفين لوقف الحرب في اليمن، ومطالبة الرئيس السوداني بسحب القوات السودانية في اليمن، ومناشدة كافة والأطراف لإبرام مصالحة سنية – شيعية، والحقيقة التاريخية أن السنة والشيعة لم يختصموا ويحتربوا إلا بعد الثورة الخمينية في عام 1979م، واعتماد إيران لشعار تصدير الثورة، وهو ما حدث بالفعل.
ما ينقص الرسالة أنها لم تضمن مناشدة لإيران لكف تدخلها في الدول العربية وبالذات في اليمن التي خصها الإمام في رسالته، والأمر لا يتعلق بالدور المدمر لإيران في اليمن وإنما تمدد هذا الى العراق وسوريا ولبنان، تدخل سافر يصل الى حد وضع فيتو على القرار الوطني والسيادي في هذه الدول وعلى تشكيل حكوماتها وعرقلة تشكيل أي حكومة لا تتمثل فيها المصالح الإيرانية كما يحدث الآن في العراق ولبنان..
ولذلك جاء الحديث حول اليمن ناقصاً التطرق الى العامل الرئيس في الأزمة اليمنية وهو الانقلاب الحوثي الطائفي على السلطة الشرعية بدعم وقيادة إيران وتحويل اليمن الى جيب شيعي في خاصرة المملكة العربية السعودية، كل الشواهد والوقائع تؤكد أن التدخل الإيراني في الدول العربية هو من أكبر مهددات الوحدة الوطنية لهذه الدول، وخلق صراع سني وشيعي يرتكز جوهره إيرانياً في الهيمنة على دول الخليج والسيطرة على مواردها البترولية..
وعليه كان على الإمام مخاطبة أطراف الأزمة جميعهم بلا استثناء بما فيهم إيران والحوثيين والطلب اليهم أن يجنحوا للسلم كافة.. وبدون هذا فإن المناشدة تفتقر الى التوازن الذي ربما أخل به تعاطف الإمام المعروف مع إيران والشيعة (وهذا حقه)، ولعله استند في ذلك على أنه يتحدث باسم قطاع شعبي سوداني كبير..
نستند على نفس الفهم والمعايير التي قام عليها موقف الإمام، لكن رأينا يخالف ما يرى الإمام من أي احتمال لحدوث مصالحة سنية – شيعية لأنه لا خلاف سني -شيعي، هذه إيران الفارسية الصفوية، ويقف دليلاً على ذلك الاضطهاد الذي تمارسه سلطة الولي الفقيه على العرب الأحوازيين، والبلوش والأكراد والآذريين، وفي هذا الاستهداف للأمة العربية، فلا فرق بين إسرائيل وإيران أو تركيا، ولن يكون رابط الإسلام مبرراً لقبول الهيمنة والاستعلاء العنصري، مثلما لم يكن من قبل، فالثورة المهدية قامت في مواجهة المستعمر التركي المسلم، راعي (الخلافة الإسلامية)، وكان العراقيون من العرب الشيعة غالب الجيش العراقي الذي هزم إيران في عهد الرئيس صدام حسين، وهم الذين انتفضوا ضد هيمنة إيران واحتلالها للعراق في الأسابيع الماضية، تعاقبهم الآن إيران في الجنوب العراقي بمنع المياه والكهرباء عنهم، الحبيب الإمام نحن معك قاتلون ومقتولون إلا في إيران.