محمد وداعة: العلاقة مع إسرائيل.. دونها خرط القتات
تتوهم الحكومة ان اقامة علاقة مع اسرائيل يمكن ان تكون مدخلاً لتحسين العلاقات مع امريكا والغرب ، ولا شك ان هذا النهج غير المسؤول غير بعيد عن مسايرة تركيا وقطر التي تقيم علاقات علنية مع اسرائل .
كان واضحاً من تصريحات الرئيس التشادي ادريس دبي ان هناك أمراً ربما يدبر في الخفاء ، وبالتالي فلا يمكن للرئيس دبي ان يتحدث عن استعداه للتوسط بين الخرطوم وتل ابيب ، عفواً فهل الاعلان التشادي جاء ليؤكد أن ملف العلاقات تجاوز مرحلة بحثها سراً ، ليتم ذلك علناً.
الصمت الحكومي، وعدم صدور بيان رسمي، ليس عن إقامة العلاقات أو عدمها مع اسرائيل، الأمر قطع شوطاً بعيداً …
يؤكد ذلك الصمت الحكومي ، وعدم صدور بيان رسمي، ليس عن إقامة العلاقات أو عدمها مع اسرائيل ، بل عن تصريحات الرئيس التشادى ادريس دبى التى يعرض فيها وساطته يجعل الامر يبدو غريباً.
داخلياً بدأ مقاولو العلاقات العامة في إعداد وتهيئة الرأي العام السوداني لقبول هذه العلاقات ، فقد نشطت صحف ووسائل اعلام واقلام معروفة بعلاقاتها بالحكومة في تسويق الفكرة من خلال عرض الاسئلة والمقارنات و تعديد مصالح و مكاسب مزعومة يمكن ان تجنيها الحكومة من اقامة هذه العلاقة ، مبررين ذلك بمواقف بعض الدول العربية والاسلامية وانخراطها في علاقات بدرجات متفاوتة مع اسرائيل واستعراض لدلائل اخري من المواقف الاخيرة لحماس من صفقة القرن واستلامها لاموال قطرية وصلت عن طريق الحكومة الاسرائيلية .
ويبقى السؤال هل الحكومة السودانية وحزب المؤتمر الوطنى وحركته الاسلامية سيديرون ظهورهم دفعة واحدة لشعارات وممارسات جرت على بلادنا المصائب من خلال تبنيها لعلاقات خاصة مع حماس وإيران وانجرارها خلف مصالح حركة الاسلام السياسي.. والمؤسف أن الحكومة بصمتها الخجول قد تفسر موقفها بأنه يتوافق مع رؤية دعاة التطبيع الآن بعد أن كانت تتمنع في ذلك انسجاماً صعوداً وهبوطاً لحظوظ الإسلام السياسي وتكتيكاته في التأثير على مجريات القضية الفلسطينية ..
تخطئ الحكومة ان ظنت ان موضوع العلاقة مع اسرائيل هو مجرد قرار تتخذه الحكومة ، دون اي اعتبار لمواقف السودان التاريخية من القضية الفلسطينية ، و لذلك تقع فى اخطاء سياسة خارجية استراتيجية ، و داخلية مدمرة و لا يمكن تداركها ، يجب ان لا تنطلق الحكومة فى رؤيتها للعلاقات مع اسرائيل انطلاقاً من الاوضاع الداخلية المأزومة سياسياً واقتصادياً باعتقاد ان هذا يشكل مخرجاً من قوس الازمات التي تطبق عليها وتتجاهل اوتجهل ان حل مشكلات البلاد السياسية والاقتصادية يبدا و ينتهى في الداخل ، ولا حل يضع البلاد في المسار الصحيح الا بتحقيق السلام وتوحيد الجبهة الداخلية باشاعة الحريات وتبني اصلاحات اقتصادية ومحاربة الفساد وفك اسر الدولة من هيمنة الحزب الحاكم .. و لتتعظ بالدول التى سبقتها فى اقامة علاقة مع اسرائيل ، فماذا جنت الدول التي اقامة مثل هذه العلاقة ،
ان المزاج العام للشعب السوداني يرفض اي اتجاه لاقامة علاقات من اي نوع مع اسرائيل وقد عبرت كثير من القوى الوطنية والقومية والناشطين والمثقفين والمواطنين عن رفضهم لهذا الاتجاه ، و نقول بشرعية مقاومة ورفض هذا النهج البائس ، فان لم يكن دفاعآ عن القضية الفلسطينية فليكن دفاعاً عن مصالح البلاد العليا وحفاظاً علي مستقبل اجيالها .
الجريدة