كيف يموت الانسان طبيا
لكل قصة في هذه الحياة بداية ونهاية، فالإنسان هو مركز العالم يدور الجميع حوله منذ ولادته إلى نهايته وفنائه وموته وهو بطل روايته وبطل عالمه، والموت هو من أشد المصائب التي يتعرض إليها الإنسان، خصوصاً عند فقدانه أحداً من أول الناس الذين رأتهم عيناه، فهؤلاء الأشخاص لهم مكان خاص في وجدان الإنسان فهم من المساهمين في تطوير عقل الإنسان وفي الإضافة إلى روحه حتى تتألق وتنمو وتصبح روحاً جميلة.
الموت هو فناء الإنسان وانتقاله إلى حياة أخرى هكذا نعتثد وهكذا علمنا أنبياء الله وهكذا علمت الكتب المقدسة جميع أتباعها، فالموت هو بوابة الخلود. أما الموت بحد ذاته وفلسفته فهو موضوع أشكل على ذوي الألباب والعقول، واختلفت النظريات الفلسفية التي تفسر سببه، والتي تدرس ماهيته، وقد اشتملت هذه النظرات الفلسفية على صراعات مع المفهوم الديني للموت، وهو المفهوم المتقارب إلى حد بعيد بين الأديان السماوية الثلاث واختلاف نظرة الأديان الأخرى كالبوذية والهندوسية له، فلقد آمن الهندوس على سبيل المثال بتناسخ الأرواح في حين آمن البوذيون بالدورة من الولادة عبر الموت والتي يستطيع الإنسان ان يخرج منها بوعي كامل غير مزيف، في حين أن النظرة العلمية المادية فسرت الموت من الناحية البيولوجية العلمية فقط فلم تلق بالاً لخروج النفس من الجسد، وفنائها.
وبشكل مبسط نستطيع القول أن الموت ضروري، بسبب عدم إمكانية الأرض لإستيعاب كافة أعداد البشر منذ بدء البشرية إلى اليوم، كما أن الإنسان إن كان خالداً فإن هذا بالقطع سيسبب له مأساة، ولنتخيل أن إنساناً منذ القديم من العصور الغابرة يعيش إلى الآن كيف سيكون تفاعله مع ما يحدث اليوم من نهضة وتقدم تكنولوجي هل سيقتنع بهذا التقدم، وهل سيكون مؤهلاً قادراً للتكيف معه؟! قطعاً لا فالإنسان مؤهل لأن يدرك زمانه وزمانه فقط، ولننظر إلى من مد الله في أعمارهم من كبار السن، في غالبيتهم يعتبرون أنفسهم غرباء في هذا الزمن، فهم يعيشون في الماضي، ولهم الحق في هذا، فهم عاشوا في ظروف مختلفة في معظم فترات حياتهم، مع أناس يبحثون عنهم اليوم فلا يجدونهم، وجوه جديدة شوارع بتفاصيل متغيرة، فالدنيا التي عاشوا فيها يوماً من الأيام، والتي عملوا ودرسوا وأحبوا وتزوجوا وأنجبوا وسافروا فيها ليست كالدنيا التي يعيشون فيها اليوم، لهذا يجب الحذر الشديد عند التعامل مع كبار السن، ومراعاة أنهم يشعرون بالغربة في هذا الزمن، فنحن يوماً ما سنكون في موقعهم وسنحن إلى هذه الأيام التي نعيش فيها اليوم.