علم النفس البدائي
علم النفس البدائي
ظهرت بذرة الدراسات النفسيّة كأحد مباحث الفلسفة القديمة، حينما كان الفلاسفة اليونان يتساءلون عن ماهيّة الذات وأصلها وطبيعتها، ويرجع ذلك إلى ملاحظات تغير النشاط النفسي للإنسان المتمثّل في المشاعر المختلفة كالغضب والحزن والفرح، وغيرها من المشاعر التي تأكَّدَ الإنسان من وجودها منذ أقدم العصور، وكان التقدم الحضاري هو ما صقل قدرة الإنسان على التعرف على تلك المشاعر وتمييزها رغم عدم تغيرها.
كما اهتمّت الديانات المختلفة بالجانب النفسي للإنسان، ويمكن القول بأنّ الديانات اعتمدت بصفةٍ أساسيّة على التوجيه النفسي لمعتنقيها بطريقة تجعلهم يفضّلون القيم والمثل العليا على أفعال الشر والبدائية، وفي العصور الوسطى كان ابن سينا أحد أبرز أطبّاء وفلاسفة الإسلام من المهتمين بالدراسات النفسية، واستطاع أن يثبت وجودها بمعزل عن الجسد، واستمرّت الدّراسات النفسية تتقدّم حثيثاً حتى مطلع القرن التاسع عشر.
تأسيس علم النفس الحديث
شهدت الدراسات النفسية طفرةً في عامي ألف وثمانمائة وأحد عشر، وألف وثمانمائة وعشرين، عندما استطاع العالمان ماجدني وبال تمييز الأعصاب الجابذة والنابذة، ثم قياس سرعة النقل في السيالات العصبية على يد العالم هالبز، وأسس فينخر فرع علم النفس التجريبي في عام ألف وثمانمائة وستين، ثمّ تأسّس أوّل مختبر نفسي في ألمانيا على يد ويليام فونت الذي استخدم أسلوب التأمل الذاتي في حل المشكلات، وكشف الخبرات الشعورية.
وأطلق على تلك الدراسة “علم دراسة الخبرة الشعورية” ويعتبر فونت وفقاً لهذا أول من قام بفصل علم النفس عن الفسلفة، وبعد فونت جاء علماء آخرون انتقدوا أسلوبه لأنّه يَعتمد على إدراك الشخص لذاته، وهو أمر لا يُمكن تعميمه، وركّز ويليام جيمس على وظائف الدماغ البشري وتقسيماته، وأطلق على تلك المدرسة “الوظيفية” تمييزاً لها عن البنائية التي أسّسها فونت.