رجعت حليمة لعادتها القديمة
تختزل الحكم و الأمثال خبرات الشّعوب و تجاربها المختلفة ، فطبيعة الحياة البشريّة تتميّز بالتّنوع و الإختلاف الذي يثري الحياة و تكون من نتائجه استفادة البشر من بعضهم البعض ، و تسخير النّاس بعضهم لبعض ، فمن النّاس من يتمّيز بالحكمة في أقواله فلا يكاد يقول قولاً إلا و تجد فيه الحكمة التي تعبّر عن خبرته الشّخصيّة و تجاربه المتعدّدة ، و قد اشتهر كثيرٌ من العرب بالحكمة ، و ذكر الله تعالى في كتابه قصّة لقمان الحكيم الذي ينطق لسانه بالحكمة و هو يعظ ابنه ، و من الأمثال التي تحدّثت عنها العرب قديماً مثل يقول عادت حليمة لعادتها القديمة ، و يطلقه النّاس على كلّ شخصٍ ترك أمراً ثمّ عاد لفعله ، و غالباً ما يكون هذا الفعل الذي تركه مكروهاً عند النّاس ، فما أصل هذا القول ، و من هم الأشخاص الذين يطلق عليهم مثل هذا القول ؟ .
يروى عن أصل هذا المقولة أنّ حاتم الطائي المشهور بالكرم الشّديد عند العرب كانت له زوجةٌ اشتهرت بالبخل ، و لكي يعالج حاتم الطائي ذلك العيب الكبير في شخصيّة زوجته حيث كانت ترتجف و هي تضع ملعقة السّمن في الأكل بخلاً ، فقام إليها زوجها حاتم الطائي ليخبرها بأنّ من تزيد السّمن في الطّعام يزيد عمرها ، و في روايةٍ أخرى ينقص الشّيب في شعرها ، فقامت زوجة حاتم الطّائي بزيادة السّمن في الطّعام المقدّم للضّيوف ، فيفرح حاتم أشدّ الفرح لبلوغ مرامه ، و حين تقدّمت زوجة حاتم في العمر فقدت ابناً من أبنائها و كانت تحبّه حبّاً شديداً ، فتمنّت أن ينقص الله من عمرها فقامت لأجل ذلك بالعودة إلى سلوكها المعتاد سابقاً حيث كانت تقلّل من كميّة السّمن في الطّعام ، فأحسّ الأضياف بتغيّر مذاق طعام حاتم فاستاؤوا لذلك ، فقيل عادت حليمة لعادتها القديمة و ذهبت تلك القصّة مثلاً يطلق على كلّ شخصٍ يعود عن أمرٍ أو سلوكٍ سابق له .
و الأصل في سلوك الإنسان في حياته أن يعزّز جانب الإيجابيّات و السّلوك الحسن ، و أنّ يبتعد عن السّلبيّات و السّلوك السّيء القبيح ، و أن يلتزم بالعادات الصّحيحة الصّائبة ، و أنّ يحرص عليها فلا يعود عنها .