خواطر من الحياة
لا تكن حلوا فتؤكل … ولا تكن مرا فتلفظ … أصل الحياة الاستقرار والسعادة والحب ، و التعامل مع الأشخاص يجب أن يكون على أسس متينة من الاحترام و الحب و التقدير ، ولكن دوام الحال من المُحال ، فهناك الكثير ممن يتقمصون مهمة تعكير صفو الحياة ، وتكدير نقاء النفوس ، بل ويسعون جاهدين لتمزيق أواصر المحبة والوئام بين الناس ، هؤلاء الفئة من الناس ربما يجعلون حياتنا جحيماً لا يُطاق ، وفجوة من لهيب نار جهنم ، ولكن الحكيم من يمسك زمام أموره ، ويجعل من الكدر شيئاً لا يمكن أن نراه حتى بالمجهر .
الروابط الاجتماعية وحميمها بين الناس يجعلنا نرى الحياة بلون وردي زاهي ، صداقتنا مع بعضهم ، حُبنا لأحدهم ، راحتنا عند مقابلة من نرى فيهم الحياة ، كل ذلك سبب لجعل الإنسان يتمنى أن تدوم حياته، ويسعى لجعلها تصبح أجمل ، لكن ما إن تبدأ غيمة الكدر تحوم حولنا ، تعصفنا بالمشاكل ، وتمطر علينا حزناً ، يصبح القلب ضيقاً ، لا يتسع لرؤية الجمال ، كل ما يشغل باله هو الهروب من المشاكل للتخلص منها ، وهذا ما يجعل بعض الناس يلجأون إلى العزلة ، ويفضلون الوحدة والتفكير المجهد للقلب ، والعقل ، والنفس ، في أنه أصبح في دوامة حزن لا يمكنه التخلص منها ، ويرجو يداً تحنو عليه ، تنتشله من أحزانه ، وبمجرد ما يُقبل عليه شخصاً بينه وبين الثقة عداوة سنين ، يتشبّث به ، ويضع عليه آماله وأحلامه في أنه طوق النجاة ، وما أن تنتهي مهمة هذا الشخص ، ويترك يد الغريق بأحزانه ، تزيد همومه كثيراً ، ويصبح كارهاً أكثر للحياة ، وعاشقاً من عشاق الحزن والجراح ، ويتمنى الموت وقد يحاول التفكير به !
الحياة لا تخلو من الخيبات ، لكن من يضع نصب عينيه ، أن حال السعادة والحزن لا يدوم لأحد ، فإنه يعيش حياته ببساطتها ، ويغتنم كل الفرص فيها ، بل ويخلق من اللاشيء فرحاً ، حتى وإن كان حظه من الخيبات يفوق نصيبه من السعادة ، قوة إيمانه بقضاء الله وقدره تكسر فيه هاجس الانحدار نحو هاوية الواهمين ، ولربما يصل في درجة إيمانه ورضاه حد التأثير فيمن سلبتهم الحياة التمتع بملذاتها ، ويكون السبب في إسعاد شخص أدماه الجرح ، فتصبح سعادته أكبر ، وحياته أجمل ، ويتمسك بمبادئه بأن أصل الحياة سعادة ، يمنحها الله – عز وجل – لمن يهب نفسه الإستمتاع بنعم الله ، ولا يجعل من الأحزان الصغيرة بيتاً ، أو قوقعة تحول بينه وبين عيش نشوة الحياة بكل ما فيها من فرح و حزن ، و سعادة و ألم .