تحرمني !!.. بقلم صلاح الدين عووضة
السودان اليوم:
زارني في الصحيفة قبل سنوات..
*كان يبدو حزيناً…وزالت عنه (نورة) الأيام الخوالي..
*أيام كان الطرب أصيلاً…والتلفزيون جميلاً…والضحك نبيلاً..
*أيام (تحرمني منك) ؛ ولم تحرمنا الحياة من أي شيء..
*الآن حُرمنا…وحُرم هو…وحُرمت حتى (تحرمني) من قوة الصبر على الحرمان..
*وكانت أغنية حزائنية…لتضحى موضة لبس فرائحية..
*ومنذ أن انزوى التلفزيون كئيباً وسط زحمة فضائيات جديدة لم أسمع هذه الأغنية..
*ولا التي كان يؤديها مصطفى سيد أحمد بقميص (تحرمني) ذاته..
*ولكني سمعت (غير محروم) يؤديها يوماً فازددت حزناً..
*كان مقطع فيديو له وهو (يحرمها) من كل مقومات الطرب…والحزن… والشجن..
*والمكان ؛ فندقٌ شهير بالخرطوم (2)..
*والزمان ؛ ليلٌ عكست أضواؤه الباهرة دموع (المحرومين)..
*والمناسبة ؛ فرحٌ مترعٌ بكل بواعثه المخملية..
*وسألت صاحبها – عبد العزيز المبارك – عن سبب الأسى الذي يكسو محياه..
*فأجاب إجابة كنت أعرفها سلفاً…ولكني أحببت سماعها منه..
*فالوطن ما عاد هو الوطن…والغناء ما عاد هو الغناء…والحال ما عاد هو الحال..
*كل شيء بدا غريباً عليه – يقول – عند عودته من الغربة..
*وما درى أننا عايشنا هذه الغرابة لحظة بلحظة…مذ كانت نطفة في رحم غربتنا..
*غربة الداخل التي لا تقل شعوراً بالحرمان من غربة الخارج..
*وكدت – على ذكر الحرمان – أن أناشده الترنم بأغنية (تحرمني منك)… لولا..
*لولا إنني خفت أن أشق عليه…وأرهقه من أمره عسرا..
*وعند وقوفي معه لدى الباب – مغادراً – طلب مني دعوته للغناء لي متى شئت..
*سواء كانت مناسبة فرح…أو مرح…أو لا مناسبة..
*ولم تأت هذه المناسبة إلى يومنا هذا…ولا حتى (لآتها) المانعة لحركة المناسبة..
*ولا أعلم إن كانت ستأتي أم لا…مع طغيان الأسى على الفرح..
*فإن أتت فسندعوه حينها ليسمعنا بتقولي لا…وتحرمني منك…وليه يا قلبي ليه..
*فنحن نعيش الآن زمان الغربة…والغرابة…والتغرب..
*أو مثل زمان جاء على لسان المبارك وهو يحيل كآبة معناه طرباً بجميل مغناه :
آه من جور زماني…..وما بي من نوائب..
سهران ليلي طائل…حارس بدري غائب..
*ومما زاد من وحشة زماننا أننا بتنا نغني لألحان الزمن الجميل (تحرمني منك)..
*فلا نسمع أحمد المصطفى إلا بصوت ابنه عز الدين..
*ولا نسمع الكحلاوي إلا بصوت نانسي…ولا رائعة حقيبة إلا بصوت (البندول)..
*ولا نسمع عبد العزيز المبارك إلا بصوت (غير المحروم) ذاك..
*فصبراً جميلاً صاحب المحيا الحزين…فسوف يأتي يوم (لا نُحرم فيه منك)..
*ولا يكون هناك حرمانٌ…ولا حارمين…ولا محرومين..
*ولا……..تحرمني !!