الطرق والجسور بولاية القضارف ….ومعركة الموازنة القادمة
السودان اليوم:
شهدت ملفات البنية التحتية فۑ مجال تنفيذ وتشييد وتعبيد الطرق والجسور، بولاية القضارف تراجعاً كبيراً خلال الفترة الماضية الأمر الذي أدى إلى تعطيل وانقطاع انسياب الحركة في موسم الخريف خاصة في مناطق الإنتاج الزراعي ويرجع مراقبون ذلك لعدة عوامل منها الإشكاليات المتراكمة التي شهدتها وزارة التخطيط العمراني في الفترة السابقة، والتي ألقت بظلالها السالبة على مجمل الأوضاع في الوزارة، وتغول وزارة المالية على عمل وزارة التخطيط العمراني، وضعف الميزانيات المرصودة للطرق، وتجاهل حكومة الولاية لملفات الطرق وضعف متابعتها للطرق الممولة من المركز وانشغالها بمشروع الحل الجذري لمياه القضارف الذي كان خصماً من الأموال المخصصة للطرق.
يبدو أن ملفات تشييد ورصف وتعبيد الطرق بولاية القضارف لم تخرج من قائمة الإخفاقات والقصور الذي اعترى أداء حكومة القضارف، الأمر الذي أدى إلى اختلال كبير في المنظومة التنموية بالولاية، وحديث النائبة البرلمانية عن المؤتمر الشعبي “نوال خضر” فۑ جلسة مناقشة تقرير لجنة النقل والطرق والجسور داخل المجلس الوطني أثار جدلاً واسعاً وكثيفاً داخل قبة المجلس، ودمغت “نوال خضر” حكومة القضارف بالقصور التنموي، وأن حكومة القضارف (ما شغالة) أو بالأحرى ليس هنالك إنجاز من قبل الحكومة بالقضارف خاصة في مجال الطرق، حديث النائبة كان بمثابة رمي الحجر في بركة ساكنة.
“نوال خضر” كانت ضمن لجنة النقل والطرق والجسور التي زارت الولاية مؤخرا، بجانب النائب “مبارك دربين” الذي بدوره أكد فشل الولاية في ملف الطرق، وتساءل عن مصادر صرف عائدات رسوم الطرق، وتقدر إيرادات الطرق بالولاية بمبلغ (10) مليارات جنيه، وسارع والي القضارف المهندس “ميرغني صالح سيد أحمد” بالرد الفوري على تلك التصريحات وأعلن عن تشييد (400) كيلو متر من الطرق، وسفلتة وتعبيد (100) كيلومتر منها خلال الموازنة القادمة.
هناك قلق فيما يتعلق من تصريحات الوالي، خاصة بعد تصريحات رئيس الوزراء، وزير المالية والاقتصاد، “معتز موسى” مؤخراً بإيقاف تشييد الطرق المسفلتة بكافة أنحاء البلاد في موازنة العام القادم، لارتفاع تكلفة صناعة الطرق مما يضاعف فجوة تشييد الطرق المسفلتة بالولاية، ويغلق الباب أمام قيام طرق مسفلتة جديدة.
وبالعودة إلى معضلة تشييد الطرق يرى المهندس “يوسف عباس” أن تشييد وسلفتة الطرق أصبح خارج أولويات حكومة الولاية، وفند “عباس” في حديثه لـ(المجهر) كافة ادعاءات حكومة الولاية في هذا المجال، لافتاً إلى عدم اكتمال العمل في كافة الطرق التي قطعت حكومة الولاية بتشييدها (الترابية أو المسفلتة) أو إقامة الكباري على الخيران والوديان المنتشرة، خاصة في المناطق الزراعية كاشفاً عن توقف العمل في مجال الطرق بكافة المحليات لأكثر من ثلاث سنوات، مشيراً في هذا الصدد لطريق (القضارف – سمسم – أم الخير) بطول (145) كيلومتراً وتم توقيع عقده مع شركة النصر المصرية بتمويل من صندوق تنمية وإعمار الشرق منذ أكثر من (6) سنوات، ونسبة التنفيذ التي تمت لا تتجاوز الـ50% وقال إن توقف العمل بالطريق بسبب ضعف التمويل، وتساءل كيف تصرف حكومة القضارف النظر عن هذا الطريق الحيوي الذي
يربط مناطق الإنتاج الجنوبية للولاية بحاضرة الولاية، ويمضي “عباس” ليكشف عن تعثر بداية العمل في طريق (الشواك – أم براكيت – الحمرة) الملحق بكبري طائر في منطقة (كونا زبرما) لربط منطقة الفشقة الحدودية بالطريق القومي (القضارف – الشواك) وأضاف أن منطقة الفشقة الكبرى لا زالت معزولة عن
الولاية، وأن مزارعيها يتكبدون المشاق في موسمي الخريف والصيف خاصة بعد توقف انسياب الحركة بطريق (الشواك – اللكندي) جراء قيام سدي سيتيت وأعالي نهر عطبرة، وعزل المنطقة وأن الحركة فيه باتت صعبة فيما يتعلق بترحيل مدخلات الإنتاج وآليات المزارعين ومحاصيلهم في فصل الصيف والخريف التي يتم ترحيلها باستخدام البنطون بالتالي يؤدي ذلك لارتفاع كلفة الترحيل، وختم حديثه بأن الولاية تفتقر للبنية التحتية في مجال الطرق خاصة مناطق الإنتاج الزراعي وحواضر المحليات .
القيادي بمحلية الرهد “الزبير النور” في حديثه مع (المجهر) أن طريق (الحواتة – المفازة –الفاو) يعد إحدى متلازمات إخفاق وفشل حكومة الولاية الحالية في مجال الطرق وأن أمنيات مواطني محليات الرهد الكبرى في قيام الطريق ظلت حبيسة لأكثر من (3) سنوات تحت رهن الوعود من قبل الحكومة التي قال إنها ظلت
تحبك المسرحيات على شاكلة الاحتفال الذي نظم قبل عامين وتوقيع عقد لتشييد الطريق مع الشركة الصينية بحضور وزير الطرق والجسور السابق “مكاوي محمد عوض” وتم حشد قيادات تلك المحليات والتبشير بتدشين الطريق إلا أن توقف العمل بعد مضي شهرين بسبب توقف التمويل للطريق، ومضى “عباس” قائلاً إن هناك عقداً آخر تم توقيعه مع شركة روينا التابعة لوالي سنار الأسبق “أحمد عباس” إلا أن الشركة لم تتمكن من بدء العمل لذات الأسباب
وارجع أسباب توقف العمل في الطريق لعدم جدية حكومة الولاية بالتزامها تجاه قيامه لأنه ليس من أولوياتها لجهة أنها لم تتابع الأمر مع الحكومة الاتحادية، مشيراً لقيام كثير من الطرق في عدد من الولايات وتم تشييدها رغم الأوضاع الاقتصادية التي تمر بها البلاد، ولفت إلى أنه كان على حكومة القضارف حشد كل إمكانياتها المادية لتنفيذ الطريق وهي ترقب بعينها الانتخابات القادمة خاصة بعد تلويح مواطني محليات الرهد الكبرى بمقاطعتها وعدم التصويت للمؤتمر الوطني.
وزير التخطيط العمراني بالولاية العقيد بحري “عبد القادر محمود شاذلي” اقر بتراجع وتوقف تشييد مشروعات الطرق الاتحادية والولائية خلال الفترة الماضية وأرجع ذلك لعدم توفر الميزانيات المرصودة للطرق اتحادياً وولائياً إلى جانب أزمة الوقود التي ظلت تطل برأسها من حين لآخر خاصة الجازولين، كاشفاً عن تخوف وزارة المالية بالولاية بأن تكون دفعيات إنشاء الطرق خصماً على مشروع المياه باعتباره من أولويات حكومة الولاية، وأشار إلى قرب بداية العمل في طريق (الحواتة – المفازة – الفاو) خلال
الأسبوع القادم وأعرب عن أسفه لتأخر العمل بهذا الطريق الذي يعتبر من الطرق الحيوية ويسهم في ربط مناطق الإنتاج بالرهد الكبرى، ويضمن انسياب الحركة في تلك المناطق التي تعزل في فصل الخريف وبرر توقف العمل بالطريق جراء عدم التزام وزارة المالية الاتحادية بدفعيات الطريق للشركات المنفذة له وفي ما يتعلق بالطرق الداخلية لوَّح وزير البنى التحتية والتنمية العمرانية إلى إمكانية سحب عقد إنفاذ شارع الستين بحاضرة الولاية مدينة القضارف من شركة زادنا على أن يتم إنفاذه بواسطة هيئة الطرق بالولاية، وشدد “الشاذلي” على ضرورة الالتزام ببنود الاتفاق وتقديم الالتزام بإكمال الطريق بأسرع ما يمكن واصفاً ما يحدث الآن بالمماطلة وعدم الجدية وكشف عن اجتماع مزمع مع الشركة للتفاكر حول استئناف العمل بالطريق خلال الأيام القادمة، وفيما يتعلق بالطرق الداخلية بحاضرة الولاية كشف عن خطة لصيانة عدد من الطرق بالولاية واصفاً إياها بالرديئة والمتصدعة، مشيراً لوضع وزارته خطة لتشييد عدد من الطرق الترابية بحواضر المحليات في موازنة العام القادم خاصة بعد قرار رئيس مجلس
الوزراء بإيقاف سفلتة الطرق في الموازنة القادمة، ويرى مراقبون بالولاية أن قضية توقف إنشاء الطرق بالولاية أكد فشل حكومة الولاية في استغلال الموارد المالية المتاحة التي تتمتع بها والتوظيف الأمثل لها، مشيرين إلى فشل بلدية القضارف في رصف وتعبيد الطرق الداخلية بمدينة القضارف التي تصدعت وكثرت فيها الحفر بفعل عدم الصيانة رغم امتلاك البلدية لأسطول من الآليات الثقيلة الخاصة بصناعة الطرق، وأضافوا أن ذلك ينطبق على حكومة الولاية التي تملك أسطولاً من الآليات التابعة لهيئة الطرق والجسور إلا أن الهيئة ظلت مكبلة بسبب شح الإمكانيات المالية ولفتوا إلى أن معظم الطرق الحالية بكافة محليات الولاية تم إنشاؤها في عهد حكومة الوالي السابق “الضو الماحي” ولم تشهد الولاية أي طريق جديد أو صيانة للطرق السابقة الأمر الذي يؤكد فشل حكومة الولاية في مجال إنشاء الطرق والجسور.