اسباب الارق
محتويات المقال
الأرق
يُؤثّر الأرق (بالإنجليزية: Insomnia) في ملايين الأشخاص في مُختلف أنحاء العالم، ويمكن تعريفه على أنّه اضطّراب النّوم(بالإنجليزيّة: Sleep disorder) الذي يجعل الشخص يُعاني صعوبةً في النّوم، أو صعوبةً في الاستمرار فيه، أو الاستيقاظ المُبكّر وعدم القدرة على العودة إلى النّوم، وأحياناً يُرافقهُ شعور التّعب بعد الاستيقاظ. يُمكن للأرق أن يُؤثّر في الأشخاص في أيّ عمر، وبين البالغين يُعدّ أكثر شيوعاً عند الإناث مقارنةً بالذّكور. ومن الجدير بالذكر أنّ الأرق يؤثر كثيراً في حياة الذين يُعانون منه؛ إذ يضطرب أداؤهم في العمل أو المدرسة، كما قد يتسبّب في البدانة (بالإنجليزيّة: Obesity) والقلق (بالإنجليزيّة: Anxiety) والاكتئاب (بالإنجليزيّة: Depression) ومشاكل التّركيز (بالإنجليزيّة: Concentration problems) ومشاكل الذّاكرة (بالإنجليزيّة: Memory problems)، وضعف وظائف الجهاز المناعي (بالإنجليزيّة: Poor Immune System Function). وتجدر الإشارة إلى اختلاف عدد ساعات نوم الأفراد بشكلٍ عام، ولكن يمكن القول إنّ مُعظم البالغين يحتاجون لسبع إلى ثماني ساعات من النّوم في كل ليلة.[١][٢]
أنواع الأرق
يُقسّم الأرق إلى نوعّين بالاعتماد على المُدّة الزمنيّة:[١][٣]
- الأرق الحادّ (بالإنجليزيّة: Acute Insomnia): وهذا النّوع قصير الأجل حيث يستمرّ لأيّام قليلة أو لأسبوع، وعادةً يحدث نتيجة التوتّر أو الضّغط العصبي أو الأحداث الصّادمة (بالإنجليزيّة: Traumatic event) مثل أرق ليلة الإمتحان، أو بعد سماع الأخبار السيّئة. وإنّ الكثير من الأشخاص يتعرّضون لهذا النّوع من اضطّراب النّوم العابر، وتُحلّ المُشكلة دون الحاجة إلى العلاج.
- الأرق المُزمن (بالإنجليزيّة: Chronic Insomnia): ويعني حدوث اضطّراب النّوم ثلاث ليالٍ أسبوعيّاً على الأقلّ واستمراره لمدّة ثلاثة أشهر على الأقلّ. وقد يكون الأرق هو المُشكلة الأساسيّة، أو يكون مُرتبطاً بحالةٍ صحيّةٍ أو مُشكلةٍ نفسيّةٍ أو دواءٍ مُعيّن.
أسباب الأرق
هناك العديد من الظروف والعادات التي تُسبّب الأرق ومنها:[٤][٥]
- التوتر: (بالإنجليزية: Stress) إنّ القلق تجاه العمل أو المدرسة أو الصّحة أو العائلة يُبقي العقل نشيطاً خلال اللّيل؛ فيصعُب النوم. وكذلك فإنّ مشاكل الحياة والأزمات التي يمر بها الإنسان قد تُسبّب الأرق مثل موت الأحبّاء، والطلاق، وفقد العمل وغيرها.
- التّرحال أو جدول العمل: إنّ في الجسم ساعةً داخليةً تُنظّم نوم الإنسان واستيقاظه، وعمليات الأيض (بالإنجليزيّة: Metabolism) التي تحدث في جسده، ودرجة حرارته، وتسمّى هذه الساعة النظم اليوماوي أو التواتر اليوميّ (بالإنجليزيّة: Circadian Rhythms)، وأيّ عُطلٍ في هذه النّظم يُمكن أن يؤدّي إلى الأرق كما هو الحال عند اختلاف التّوقيت نتيجة اضطراب الرحلات الجوية الطويلة (بالإنجليزية: Jet lag)، والعمل بنظام التّناوب (بالإنجليزيّة: shift working) وغيرها.
- عادات النّوم السّيئة: عادات النّوم غير الصّحيّة قد تُسبّب الأرق دون وجود مشكلة صحيّة أو نفسيّة أساسيّة، ومن الممكن أن تجعل مشكلة الأرق الموجودة مُسبقاً أسوأ من قبل، ومن أمثلة هذه العادات؛ أوقات النّوم غير المُنظّمة، وأخذ قيلولة (بالإنجليزيّة: Nap) ما بعد الظّهر حتّى لو كانت قصيرة، والقيام بأنشطة تزيد نشاط الإنسان قبل النّوم، وكذلك فإنّ بيئة النّوم غير المُريحة واستخدام الفراش لحاجاتٍ غير النوم كالعمل وتناول الطّعام ومشاهدة التّلفاز وغيرها قد تُسبّب الأرق أيضاً.
- تناول الكثير من الطّعام ليلاً: إنّ تناول الكثير من الطّعام أو تناول الوجبات الدّسمة في وقت قريب من النّوم يُؤدّي إلى الشّعور بعدم الرّاحة والانزعاج، وبالتّالي صُعوبة في النّوم. كما قد يُسبّب العشاء المُتأخّر والطّعام الحارّعند بعض الأفراد رُجوع الحمض من المعدة إلى المريء، أو ما يُسمّى حرقة في المعدة (بالإنجليزيّة: Heartburn) وهذا من شأنه أن يُعيق عمليّة النّوم أيضاً.
- اضطّرابات الصّحّة النّفسيّة: يشعر الكثير من الأشخاص بالقلق تجاه أحداث الماضي والمُستقبل، مما يمكن أن يتسبّب هذا القلق بحدوث الأرق. وكذلك فإن الاكتئاب والأرق يرتبطان ببعضهما ارتباطاً وثيقاً؛ فقد يتسبّب الاكتئاب بحدوث الأرق، ويزيد كلٌّ منهما أعراض الآخر سوءاً.
- الأدوية: بعض أنواع المُسكّنات وأدوية التّحسس وأدوية التّنحيف المُحتوية على الكافيين (بالإنجليزيّة: Caffeine) قد تُؤدّي إلى مشاكل في النّوم بالإضافة إلى بعض مُضادّات الاكتئاب، وأدوية الرّبو، وأدوية ضغط الدّم، وغيرها.
- حالات طبيّة: أحياناً تتسبّب حالاتٌ أو ظروفٌ طبيّةٌ معيّنةٌ -إمّا بذاتها أو بالأعراض الناتجة عنها- بمشكلة الأرق، ومن الأمثلة على ذلك؛ الألم المُزمن (بالإنجليزيّة: Chronic pain)، ومشاكل الجهاز الهضمي، والسّرطان (بالإنجليزيّة: Cancer) والرّبو، وفرط نشاط الغدّة الدّرقيّة (بالإنجليزيّة: Overactive thyroid)، وألم أسفل الظّهر، بالإضافة إلى بعض أمراض الجهاز العصبي مثل؛ داء باركنسون (بالإنجليزيّة: Parkinson’s Disease)، وداء ألزهايمر (بالإنجليزيّة: Alzheimer’s Disease).
- الاضطّرابات المُتعلّقة بالنّوم: هناك بعض الاضطّرابات التي تُؤثّر سلباً في نوم الشّخص مثل؛ انقطاع النّفس أثناء النّوم (بالإنجليزيّة: Sleep Apnea) بشكل مُتكرّر، وذلك بسبب انسداد المجاري الهوائيّة لديه، وأيضاً مُتلازمة تَملمُل السّاقين (بالإنجليزيّة: Restless Leg Syndrom)؛ وهي حالة ذات أصل عصبيٍّ تُعطي شعور رغبةٍ لا تُقاوم بتحريك السّاقين.
- الكافيين والنيكوتين والكحول: إنّ شُرب الكافيين بكميّاتٍ معقولة وفي الصّباح قد يزيد من طاقة الفرد وإنتاجيّته، ولكن تناول المشروبات المُحتوية على الكافيين بكميّاتٍ كبيرةٍ أو في وقتٍ مُتأخرٍ من اليوم قد يسبّب الأرق؛ وذلك لأنّ الكافيين مادّة مُنبّهة تبقى في الجسم لمدّة ثماني ساعات، وكذلك الأمر بالنّسبة للنّيكوتين (بالإنجليزيّة: Nicotine) وهو أيضاً مادّة مُنبّهة، وتُشكّل الجزء الأساسي في مُنتجات التّدخين المُدمّرة للصّحّة، أمّا بالنّسبة لتناول الكحول مساءً؛ فهو يُساعد على النّوم في البداية، ولكن يمنع الاستغراق بالنّوم والوصول لمراحل النّوم العميق.
أعراض الأرق
هناك العديد من الأعراض المُرتبطة بالأرق، ومنها:[٢]
- صعوبة النّوم في اللّيل.
- الاستيقاظ خلال اللّيل.
- الاستيقاظ المُبكّر على الرغم من الرغبة في النوم.
- الشعور بالتعب والنّعاس رغم النّوم ليلاً.
- حدّة الطّبع (بالإنجليزيّة: Irritability) أو الكآبة أو القلق.
- ضعف التّركيز.
- زيادةٌ في الأخطاء والحوادث.
- صُداع التّوتّر (بالإنجليزيّة: Tension Headaches).
- صعوبة التّفاعل الاجتماعي.
- أعراضٌ بالجهاز الهضمي.
- القلق تجاه النّوم.
علاج الأرق
يُعالَج الأرق بالاعتماد على سببه؛ إذ إنّ كثيراً من الحالات تُعالَج بعد معالجة السبب الأساسيّ بطريقةٍ صحيحة. وهناك نوعان من العلاجات لمُشكلة الأرق؛ المُعالجة السّلوكيّة (بالإنجليزيّة: Behavioral treatments) والمُعالجة الطّبيّة.[٢]
العلاج السُّلوكي المعرفي
يُعتَبر العلاج السُّلوكي المعرفي (بالإنجليزيّة: Cognitive Behavioral Therapy) الخطّ العلاجي الأوّل؛ حيث يُساعد الجزء الإدراكي على تمييز وتغيير المُعتقدات التي تُؤثّر في القدرة على النّوم، والسّيطرة على الأفكار والمخاوف التي تُبقي الشخص مُستيقظاً. أمّا الجزء السّلوكي فيُساعد على تطوير عاداتِ نومٍ جيّدةٍ، وتجنّب التّصرّفات التي تؤثّر في النوم بشكلٍ سلبيّ.[٦]
ومن التّدابير التّابعة للعلاج السّلوكي ما يلي:[٦]
- العلاج بالسّيطرة على المُنبّه: (بالإنجليزيّة: Stimulus control therapy)؛ تُساعد هذه الطّريقة على التخلّص من العوامل التي تُكيّف الدّماغ لمقاومة النّوم؛ فمثلاً يتمّ تدريب المريض على وضع مواعيد ثابتة للنّوم والاستيقاظ، ويُنصَح المريض بتجنّب القيلولة، واستخدام الفراش للنوم. ومغادرة غرفة النوم إذا لم يستطع المريض النوم خلال عشرين دقيقة.
- تقنيات الاسترخاء: (بالإنجليزيّة: Relaxation techniques)؛ إرخاء العضلات التّدريجيّ وتمارين التّنفّس تُقلّل من القلق وقت النّوم؛ حيث إنّ ممارسة هذه التّقنيات تُساعد على ضبط التّنفّس، ومُعدّل ضربات القلب، وشدّ العضلات والمزاج وبالتّالي تساعد على النوم.
- تقييد النّوم: (بالإنجليزيّة: Sleep restriction)؛ يعتمد هذا العلاج على تقليل وقت النّوم في النهار وتجنّب القيلولة؛ وتقليل وقت المكوث في السرير.
- البقاء مُستيقظاً بطريقة غير فاعلة (بالإنجليزيّة: Remaining passively awake)؛ وتُسمّى أيضاً مُعاكسة المقصد (بالإنجليزيّة: Paradoxical Intention)؛ حيث تهدف هذه الطّريقة إلى تقليل القلق والخوف من عدم القدرة على النّوم من خلال الذّهاب إلى الفراش ومحاولة البقاء مُستيقظاً بدلاً من النّوم.
العلاج بالأدوية
يُمكن للحبوب المُنوّمة (بالإنجليزيّة: sleeping pills) الموصوفة من الطّبيب أن تُساعد على النّوم أو الاستمرار فيه أو كليهما، وبعضها لا يُنصح بها لأكثر من أسابيع قليلة؛ وذلك لما تُسبّبه من أعراض جانبيّة مثل الترنّح (بالإنجليزيّة: Grogginess) خلال النّهار، وزيادة خطر السّقوط. وحتى تلك الأدوية التي تُوصف بلا وصفة طبيّة وتُساعد على النوم؛ لا يمكن أخذها دون استشارة الطبيب، كمضادّات الهيستامين (بالإنجليزيّة: Antihistamines) لما تُسبّبه من أعراض جانبية مثل النّعاس خلال النّهار، والدّوار، والارتباك، وتدهور الإدراك، وصعوبة التبوّل.[٦]