ابنتي تخلّت عنها شلّة صديقاتها… 2019
ابنتي تخلّت عنها شلّة صديقاتها… 3dlat.net_09_16_72cd
قبل أيام عادت نهى إلى المنزل بعد نزهة مع صديقاتها على شاطئ البحر، ذهبت الى غرفتها من دون إلقاء التحية على والديها. جلست وحدها في الغرفة لساعات، مما أقلق والدتها، التي قرعت باب غرفتها، ونهى لم تجب فورًا، ولكنها في نهاية المطاف فتحت باب غرفتها وعيناها مغرورقتان بالدمع، وقالت لوالدتها «صديقاتي لم يعدن يرغبن في أن أكون في شلّتهن».
فهل يستحق الاستبعاد من الشلة كل هذا البكاء والغضب؟ وما الذي يجعل المراهق عمومًا يصاب بالإحباط إذا ما تخلت عنه الشلة التي ينتمي إليها؟
يمرّ المراهق (ذكرًا كان أو أنثى) عند بداية مرحلة المراهقة، في حالات نفسية متقلبة. فهذه المرحلة هي تكملة لمرحلة الطفولة، حين يكون المحيط العائلي بالنسبة إليه العلاقة الوحيدة التي تربطه بالعالم الخارجي، وليس العلاقات خارج إطار العائلة.
وفي مرحلة المراهقة يبدأ المراهق في البحث عن ذاته وتكوين هوية خاصة به واعتناق أفكار شبه فلسفية، لذا نجده يفضل الوحدة، وهذا أمر طبيعي.
ويذهب بعض المراهقين إلى تكوين صداقات خارج إطار العائلة، شرط أن تكون شلة الأصدقاء تتفق مع تطلعاته ونظرته إلى الحياة.
في حين يجد بعضهم الآخر صعوبة في تكوين علاقات صداقة مع أقران لهم. ومنهم من تنقصه الثقة بالنفس فلا يجرؤ على القيام بمبادرة الاتصال بالآخرين، وآخر يكوّن صداقات لكنها لا تدوم طويلاً، ما يسبب له ألمًا وشعورًا بالدونية وبأنه مرفوض من الآخرين.
ومن الملاحظ أيضًا في هذه المرحلة بحث المراهق عن مثال جديد يقلده، فيتعلق بأستاذه أو بصديق حميم له قد يختلف عنه في سلوكه، وقد يحاول تقليد ممثلي السينما أو التلفزيون أو زعماء السياسة، وأحيانًا يصل هذا التقليد إلى درجة متطرفة.ويبدو أن محاولة التماثل لا تستقر على نموذج ثابت، ما يعرّضه لتقلبات مزاجية وعاطفية مختلفة.
ودور الأهل في هذه الفترة هو المراقبة، خصوصًا أن التمثل بنموذج جديد له دور في بناء شخصية المراهق وتطورها. لذا، يجدر بالأهل أن يكونوا أصدقاء لأولادهم لا رجال شرطة، وأن يتعاملوا مع هذه المرحلة بمرونة كي تمر بسلام.
فالمنع والقمع يؤديان إلى تعنت المراهق وتمسكه بكل ما يعتقد به وإن لم يكن واثقًا من صحته، وقد ينتج من ذلك انحرافه وضياعه.
ولكن يبقى السؤال لماذا يصاب المراهق بالحزن الشديد إذا ما تخلت عنه شلة أصدقائه؟
تشكّل دائرة الأصدقاء، أو الشلة بالنسبة إلى المراهق العائلة الثانية، وهي أساسية في حياته. ليس فقط لأن المراهق ينسج علاقات وثيقة جدًا مع أصدقائه ويطوّرها، وإنما لأنها تساعد على هيكلة هويته، وتحديد موقعه في هذا الكون الاجتماعي. وهي تساهم أيضًا في أن يضع مسافة عاطفية بينه وبين والديه وبناء استقلاليته.
وفي المقابل، عندما يُستبعد المراهق من هذه الشلة، يشعر بأنه في منتصف الطريق بين شرنقة الأهل، واكتساب الفردية، وبالتالي يشعر بأنه عاجز. وربما سوف يشعر وللمرة الأولى، بالوحدة. هذا يعتمد بالطبع على شخصية المراهق.
إذا كان بالفعل قد وصل إلى قدر كبير من الاستقلالية، والإحساس بقيمته الذاتية فإنه لن يتأثر بشكل قاس إذا ما تخلت عنه الشلة. ومع ذلك، فإن المراهق الحساس جدًا، يكون قاسيًا عليه تخلي الشلة عنه.
ما هي مواصفات الشلة التي يتعلّق بها المراهق؟
عمومًا يتعلّق المراهق بشلة الأصدقاء الذين يشاطرونه أحلامه واهتماماته ونظرته إلى الحياة. وكثيرًا ما يكون الأهل غير راضين عن صداقته هذه، فينشأ صدام تنجم عنه مواجهة مستمرة تزيده تشبثًا ووفاء لهذه الشلة.
فيلاحظ الأهل إصراره على الخروج بصحبة رفاقه واتباعه النمط نفسه في الملابس، وغيرها من الأمور التي تهدف إلى توطيد علاقته مع الشلة، محاولاً بذلك التحرّر من علاقة التبعية مع الأهل.
كما يميل إلى الاعتقاد بأن الشلة توفر له المحيط الملائم لهذه الاستقلالية، فعندما يكون مع أصدقائه يعبّر عن آرائه بحرية معتمدًا على مبادئه الخاصة. وفي أغلب الأحيان، يخدم هذا الاتجاه الجديد في العلاقات هدف تحقيق النضج في شخصية المراهق.
إلا أن هذه العلاقات لا تخلو في بعض الأحيان من المساوئ مثل بعض المفاهيم المغلوطة التي قد يتبادلها المراهقون في ما بينهم في شؤون مختلفة.